للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانطلاقًا من هذه الأسس التي سنتوسع فيها، ومن الأدلة الإجمالية، والأدلة التفصيلية، وآراء أهل العلم؛ يكون اجتهاد العلماء ترجيحيًّا انتقائيًّا أو إبداعيًّا إنشائيًّا وإن كنت شخصيًّا أميل إلى النوع الأول، ولا أجسر على النوع الثاني إلا بشاهد -أي: بنوع من التخريج- لأن النوع الأول اختيار من أقوال العلماء لمصلحة اقتضت هذا الاختيار، أو لدرء مفسدة قد يؤدي إليها تطبيق القول المتروك، وبصفة أكثر دقة فسيكون الاجتهاد هنا على ثلاثة أضرب:

١ - اجتهاد جديد لإحداث قول في قضية جديدة قياسًا على المنصوص في الأصلين؛ الكتاب والسنة.

٢ - واجتهاد في تحقيق المناط، وهو اجتهاد لا ينقطع أبدًا، كما يقول الشاطبي؛ لأنه تطبيق للقاعدة المتفق عليها على واقع جديد تنطبق عليه هذه القاعدة، وليس كالاجتهاد الأول الذي يختص به المجتهدون، بل يستوي فيه المجتهد والمقلد.

٣ - أما النوع الثالث فهو اجتهاد ترجيحي وهو اختيار قول قد يكون مرجوحًا في وقت من الأوقات؛ إما لضعف المستند -وليس لانعدامه- فيختاره العلماء لمصلحة اقتضت ذلك، وهذا ما يسمى عند المالكية "جريان العمل"؛ فلهذا، فتسليط الأنواع الثلاثة


= وأموالهم؟ وقد كان المسلم يبايع الكافر في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يستحل ذلك. وقال أبو يوسف: القول ما قال الأوزاعي: لا يحل هذا عندنا ولا يجوز، وقد بلغتنا الآثار التي ذكر الأوزاعي في الربا. وإنما أحل أبو حنيفة هذا لأن بعض المشيخة حدثنا عن مكحول عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا ربا بين أهل الحرب. . . "، ثم قال الإمام الشافعي: "القول كما قال الأوزاعي وأبو يوسف، والحجة كما احتج الأوزاعي، وما احتج به أبو يوسف لأبي حنيفة ليس بثابت؛ فلا حجة فيه".
يراجع: "نصب الراية لأحاديث الهداية"، لجمال الدين عبد الله بن يوسف بن محمد الزيلعي، تحقيق: محمد عوامة، مؤسسة الريان، بيروت ودار القبلة للثقافة الإسلامية بجدة - السعودية، ط ١، ١٤١٨ هـ / ١٩٩٧ م، (٤/ ٤٤)، و"الدراية في تخريج أحاديث الهداية"، لأحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني، تحقيق: السيد عبد الله هاشم اليماني المدني، دار المعرفة، بيروت، (٢/ ١٥٨)، و"سلسلة الأحاديث الضعيفة وأثرها السيء على الأمة"، لمحمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، ط ١، ١٤١٢ هـ / ١٩٩٢ م، (٦٥٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>