للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسح على الجرموق خلافًا لقوله الجديد بالمنع من ذلك، تحرزًا من انفراد الشافعي عن سائر العلماء الذين وافقوه في مذهبه القديم. قال المزني -رحمه الله-: "قال الشافعي: ولا يمسح على جرموقين. قال (يعني الشافعي) في القديم يمسح عليهما.

قال المزني: قلت أنا: ولا أعلم بين العلماء في ذلك اختلافًا، وقوله (يعني قول الشافعي) معهم (يعني مع العلماء) أولى به من انفراده عنهم" (١).

ومن هذا القبيل: ترجيح الموفق ابن قدامة إحدى الروايتين عن أحمد -رحمه الله- باعتبارات عدة، منها: أنه قول أكثر أهل العلم، ومن أمثلة ذلك: اختلاف الروايتين عن أحمد في من جنى على سن فسودها هل فيها حكومة، أم ثلث الدية؟ (٢)، ومن أمثلته: ما قاله الموفق في مسألة الموضحة في الوجه والرأس وأنها فيهما سواء، وقد روى عن أحمد ما يخالف ويوافق هذا، قال الموفق: "وحمل كلام أحمد على هذا (يعني التسوية فيهما) أولى من حمله على ما يخالف الخبر والأثر وقول أكثر أهل العلم" (٣).

ومن هذا القبيل: ترجيح الإمام ابن بطال المالكي لإحدى الروايتين عن مالك -رحمه الله- تعالى في مسألة التكبير بعد الفراغ من التشهد الأول من حين بدء قيامه إلى الركعة الثالثة أو بعد انتصابه قائمًا، "قال ابن بطال: وهذا الذي يوافق الجمهور أولى (يعني الرواية الأولى)، قال: وهو الذي تشهد له الآثار". نقله عنه النووي -رحمه الله- (٤).

قال الحافظ ابن الصلاح -ذاكرًا بعض ما يترجح به أحد القولين للشافعي أو الوجهين


= مجابَ الدعوة متقلِّلًا من الدنيا، صنف كتبًا كثيرة، منها: الجامع الكبير، والجامع الصغير، والمنثور وغيرها، توفي سنة ٢٦٤ هـ. طبقات الفقهاء، للشيرازي، (ص ٩٧)، سير أعلام النبلاء، (١٢/ ٤٩٢).
(١) مختصر المزني، في فروع الشافعية، لأبي إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني، تحقيق: محمد عبد القادر شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م، (ص ١٩).
(٢) المغني، لابن قدامة، (١٢/ ١٥٦).
(٣) المرجع السابق، (١٢/ ١٦٠).
(٤) المجموع، للنووي، (٣/ ٤٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>