للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الترخص لأجل الحاجة فإنه يأخذ صفة الدوام والاستمرار -غالبًا-، ويكون لكل أحد، وينتفع به المحتاج وغيره.

٣ - النصوص التي شرعت ما يتعلق بالضرورة من استثناء، ويرتبط بها من أحكام، نصوص واضحة محددة، تتعلق برفع حرج وشدة من نوع خاص، كآيات إباحة الميتة للمضطر، والنطق بكلمة الكفر للمكرَه، في حين أن النصوص التي شرعت ما يتعلق بالحاجة من أحكام تتعلق برفع الحرج بصفة عامة، فهي أعمُّ من نصوص الضرورة، وأقلُّ تحديدًا، كنصوص إباحة السَّلَم والإجارة ونحوها.

٤ - الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة في المعنى الفقهي تختص بارتكاب منهي ضعف دليله، وتدنَّت مرتبته في سُلَّم المنهيات، وهو ما يعرف بالمحرم لغيره، وما كان تحريمه من باب تحريم الوسائل لا المقاصد، وهو ما يعبر عنه بقولهم: ما فهي عنه سدًّا للذريعة.

بخلاف الضرورة فإنها تبيح ارتكاب المحرم لغيره، وتبيح ارتكاب المحرم لذاته، وهو ما نهي عنه وحرم تحريم المقاصد، ومن القواعد: ما حرم لذاته لا يباح إلا للضرورة، وما حرم لسد الذريعة يباح للحاجة (١).

ومعلوم أن ما حرم سدًّا للذريعة أخفُّ مما حرم تحريم المقاصد (٢).

قال ابن القيم: "وما حرم سدًّا للذريعة أُبيح للمصلحة الراجحة، كما أُبيحت العرايا من ربا الفضل، وكما أُبيحت ذوات الأسباب من الصلاة بعد الفجر والعصر، وكما أُبيح النظر للخاطب والشاهد والطبيب والمعامل من جملة النظر المحرم.


(١) إعلام الموقعين، لابن القيم، (٢/ ١٦١)، زاد المعاد، لابن القيم، (٣/ ٤٨٨).
(٢) إعلام الموقعين، لابن القيم، (٢/ ١٥٩)، صناعة الفتوى، لابن بيه، (ص ٢٢٨ - ٢٢٩)، حقيقة الضرورة الشرعية، د. الجيزاني، (ص ٥٤ - ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>