الضرورات والحاجات في سَيْرِ الجماعة وقوتها الاقتصادية، وتماسكها الاجتماعي، وسلوكها الأخلاقي، وتقدمها العلمي والثقافي، وقبل ذلك: هويتها الإيمانية.
لقد عُني القرآن والسنة بالجماعة؛ ولهذا كان الخطاب القرآني بأحكام الله تعالى خطابًا للجماعة:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، سواء تعلَّق التكليف بالتعبد:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}[البقرة: ١٨٣]، أم تعلَّق بالمعاملات:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}[البقرة: ٢٨٢]، أم تعلَّق بشئون الأسرة:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا}[البقرة: ٢٣١]، أم تعلَّق بالعقوبات والتشريع الجنائي:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}[البقرة: ١٧٨].
بل يخاطب القرآن الجماعة أو الأمة كلها بما ينفذه الولاة والأمراء، مثل: إبرام المعاهدات مع الأعداء، ومثل: إقامة الحدود على الجناة، كقوله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ٤].
وهذه النصوص وغيرها تؤكد أهمية الجماعة، ومسئوليتها التضامنية في إقامة شرع الله، وتطبيق أحكامه في الأرض.
والأحاديث النبوية تؤيد هذا الاتجاه وتقويه، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار"(١).
(١) أخرجه: الترمذي، كتاب الفتن، باب: لزوم الجماعة، (٢١٦٧)، والحاكم في "مستدركه" (١/ ١١٥، ١١٦)، من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-. ولأوله شاهد من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وغيره.