للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس إلى طلب الحلال سبيلًا، فهل يقف الناس حينئذٍ عند حدود سدِّ الرمق ودفع غائلة الموت، أم لهم أن يأخذوا منه قدرَ الحاجة؟ وبيَّن أن الثاني هو الذي لا مفرَّ منه.

ثم تحدَّثَ: عن المساكن بصفة خاصة، وقرَّرَ أنَّ مسكن الرجل من أظهر ما تمسُّ إليه حاجته، ولا غناء به عنه، لكنه لم يترك الباب مشرعًا، بل بين أن الترخص في استباحة المحرم لتحصيله له شروط وضوابط، فقال:

"وهذا الفصل مفروضٌ فيه إذا عَمَّ التحريم ولم يجد أهل الأصقاع والبقاع متحَوَّلًا عن ديارهم إلى مواضعَ مباحةٍ ولم يستمكنوا من إحياءِ مواتٍ وإنشاءِ مساكنَ سوى ما هم ساكنوها" (١).

ثم قال: "ثم يتعين الاكتفاء بقدر الحاجة ويحرم ما يتعلق بالترف والتنعم" (٢).

ثم يؤكد ما سبق ذكره قائلًا: "ومما يتعلق بتتمة البيان في ذلك أنَّ جميع ما ذكرناه فيه إذا عمَّتِ المحرماتُ وانحسرتِ الطرقُ إلى الحلال، فأمَّا إذا تمكَّنَ الناس من تحصيل ما يَحِلُّ فيتعين عليهم تركُ الحرام واحتمالُ الكل في كسب ما يَحِلُّ، وهذا إذا كان ما يتمكنون منه مغنيًا كافيًا، دارئًا للضرورات، سادًّا للحاجة، فأمَّا إذا كان لا يسدُّ الحاجة العامة، ولكنه يأخذ مأخذًا أو يسدُّ مسدًّا فيجب الاعتناء بتحصيله، ثم بقية الحاجة تُتَدَارَكُ بما لا يَحِلُّ على التفصيل المتقدِّمِ.

فإن قيل: ما ذكرتموه فيه إذا طبقت المحرمات طبق الأرض، واستوعب الحرامُ طبقاتِ الأنام، فما القول فيه إذا اختصَّ ذلك بناحيةٍ من النواحي؟

قلنا: إن تمكَّنَ أهلُهَا من الانتقال إلى مواضعَ يقتدرون فيها على تحصيلِ الحلال تعيَّنَ


(١) المرجع السابق، (ص ٣٥٠).
(٢) المرجع السابق، (ص ٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>