للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كان أحدهما غير مضمون حقًّا للعبد لا يجري فيه الربا، وعلى هذا الأصل يخرج ما إذا دخل المسلم دار الحرب فبايع رجلًا أسلم في دار الحرب ولم يهاجر إلينا درهمًا بدرهمين أو غير ذلك من البيوع الفاسدة في دار الإسلام؛ أنه يجوز عند أبي حنيفة، وعندهما لا يجوز؛ لأن العصمة وإن كانت ثابتة فالتقوم ليس بثابت عنده" (١).

وقال في الدر المختار:

"وحكم من أسلم في دار الحرب ولم يهاجر كحربي، فللمسلم الربا معه خلافًا لهما؛ لأن ماله غير معصوم، فلو هاجر إلينا ثم عاد إليهم فلا ربا اتفاقًا (٢).

فهل يلتزم بهذا هؤلاء المبيحون، فيحل للمسلم أن يتعامل بالربا وغيره من العقود الفاسدة مع إخوانه المسلمين الجدد في تلك الديار؟!

وكذلك فإن مقتضى مذهب الحنفية -وقد صرحوا به- جواز تعامل المسلمين الجدد في هذه البلاد بالربا أخذًا وإعطاءً، ما داموا لم يهاجروا، سواءً أكان ذلك مع نظرائهم من المسلمين الجدد، أم مع الحربيين؛ وذلك لارتباط العصمة عندهم بالدار ابتداءً.

قال ابن عابدين: "ويُعْلَمُ مما ذكره المصنف مع تعليله أن من أسلما ثَمَّةَ ولم يهاجِرَا لا يتحقق الربا بينهما أيضًا" (٣).

لا شك أن هذا مما لا يقول به من قال بالجواز ابتداءً، ولا يستطيع تحمل تبعة الفتيا به.

٤ - أن مذهب الحنفية -أيضًا- جواز بيع الخمر والميتة ولحم الخنزير للكفار ما دامت وسيلة للحصول على أموالهم التي هي مباحة في الأصل؛ إذ إنهم لا ينظرون إلى فساد العقد في ذاته، وإنما هو -عندهم- وسيلة للحصول على أموال القوم غير


(١) بدائع الصنائع، للكاساني، (٥/ ١٩٢).
(٢) الدر المختار، للحصكفي، (٥/ ١٨٦).
(٣) حاشية ابن عابدين، (٧/ ٤٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>