للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروابط بين البشر، وهي تلي رابطة النسب والدم؛ ولهذا قال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: ٥٤]. فكيف تتحقق هذه الرابطة بين المسلمين، وبين قوم يحادونهم ويحاربونهم، وكيف يسوغ للمسلم أن يصهر إليهم، فيصبح منهم أجداد أولاده وجداتهم وأخوالهم وخالاتهم؟ فضلًا عن أن تكون زوجه وربة داره وأم أولاد منهم؟ وكيف يُؤمَن أن تطلع على عورات المسلمين وتخبر بها قومها؟ (١)، وعن علي -رضى الله عنه- بنحوه.

وقد ذُكر هذا القول لإبراهيم النخعي فأعجبه (٢) وعن قتادة قال: لا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد (٣).

وعن ابن جريج قال: بلغني ألَّا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلَّا في عهد (٤).

ثالثًا: المعقول:

١ - المسلم الذي يتزوج الكتابية الحربية، يكون مقيمًا معها في دار الحرب، مع أنه مأمور بكتاب الله وبسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالهجرة، قال تعالى: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: ٩٧].

والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" (٥)، والبراءة لا تكون إلا على فعل محرم فالتزوج بالكتابية الحربية محرم؛ لأنه يفضي إلى الإقامة


(١) في فقه الأقليات، د. يوسف القرضاوي، (ص ٩٩).
(٢) تفسير الطبري، (٨/ ١٤٦).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، (٥/ ٢٩٤) بسند صحيح، عن قتادة -رحمه الله-.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، (٦/ ٨٥)، عن ابن جريج بلاغًا، فإسناده منقطع.
(٥) أخرجه أبو داود، كتاب الجهاد، باب: النهي عن قتل من اعتصم بالسجود، (٢٦٤٥)، والترمذي، كتاب الجهاد والسير، باب: ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين، (١٦٠٤)، وقال: "سمعت محمدًا يقول: الصحيح حديث قيس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل".

<<  <  ج: ص:  >  >>