للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُرَدُّ على ذلك: بأن الآثار المروية عن بعض الصحابة في تحريم الزواج بالكتابيات في دار الحرب، وما سبق ذكره من المخاطر والمفاسد التي تعود على المسلمين بزواجهم من الكتابيات الحربيات، قد يُخَصِّصُ العموم، فتخرج الكتابية الحربية من هذا، وتبقى الآية خاصة بالذمية.

مناقشة دليل المعقول:

أما الرَّد على ما استدلوا به من المعقول على أن كراهة الزواج بهن كراهة تنزيهية.

فيمكن أن يجاب عن ذلك:

بأن حمل هذه المفاسد والمخاطر التي تعود على المسلم بزواجه من الحربية على الكراهة التحريمية هو الأَولى؛ لأن المسلم الذي يتزوج بالحربية، سيبقى مقيمًا معها في دار الحرب، والله سبحانه وتعالى أمر المسلمين بالهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، بقوله: {قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: ٩٧].

فبقاء المسلم مع زوجته الحربية في دارها فيه مخالفة لأمر الله بالهجرة، ومخالفة المسلم أَمْرَ ربه محرَّم، وبهذا يكون الزواج بالكتابية الحربية محرُّمًا؛ لأن ما أدى إلى الحرام فهو حرام، والزواج بالكتابية الحربية يؤدي إلى الإقامة في دار الحرب وتكثير سواد الكفار، وهذا محرم.

ولأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تبرأ من المسلم الذي يقيم بين المشركين، والبراءة لا تكون إلا على فعل محرَّم، وهو الإقامة مع المشركين في دارهم عندما يتزوج المسلم بالكتابية الحربية (١).

الترجيح:

مع قوة أدلة القائلين بالكراهة فحسب، إلا أن الواقع اليوم بمتغيراته ومستجداته،


= للقاسمي، (٦/ ١٨٧٢).
(١) اختلاف الدارين وآثاره في أحكام الشريعة الإسلامية، د. عبد العزيز مبروك الأحمدي، (ص ٢٤٩ - ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>