للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشهد بمفاسدَ عظيمةٍ لا يمكن بحال أن تكون الشريعة ناظرة إليها بمنظار الكراهة، ولا شك أن هذا من موارد تغير الفتيا في المسائل الاجتهادية.

وإذا كان بعض العلماء منع حتى من نكاح المسلمة في دار الحرب (١)، وإذا فعل فلا ينبغي له أن ينجب حفظًا للذرية، وحماية لها من الكفر ومخاطره، فإن نكاح الكتابية الحربية أولى بالمنع، بل بالتحريم.

مع التسليم بأن من خَشِيَ على نفسه الوقوع في الزنا جاز له أن يتزوج من الكتابية في دار الحرب مع توقي الإنجاب ما استطاع إلى ذلك سبيلًا، والله المستعان.

حكم نكاح الكتابية الذمية:

اختلف في ذلك على ثلاثة أقوال:

القول الأول: الجواز مع الكراهة:

وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، وهو رأي الحنابلة إلا أنهم عبروا عنه بأنه خلاف الأَولى.

قال مالك: أَكْرَهُ نساء أهل الذمة اليهودية والنصرانية، وما أُحرمه (٢).

جاء في الدر المختار: ("وصح نكاح كتابية" وإن كُرِهَ تنزيهًا) (٣).

وفي مختصر خليل: "والكافرة إلا الحرة الكتابية بِكُرْهٍ" (٤)، أي: يحرم نكاح الكافرة إلا الحرة الكتابية فهو جائز مع الكراهة.

وفي روضة الطالبين: "الكفار ثلاثة أصناف، أحدها: الكتابيون فيجوز للمسلم


(١) مذهب الشافعية وقول الإمام أحمد بكراهة أن يتزوج المسلم من المسلمة بدار الكفر وبين ظهراني أهل الحرب، وقال أحمد: أكره أن يتزوج الرجل في دار الحرب، أو يتسرى من أجل ولده أحكام أهل الذمة، لابن القيم، (٢/ ٨٠٩)، نهاية المحتاج، للرملي، (٦/ ٢٩٠).
(٢) المدونة، رواية سحنون بن سعيد، (٢/ ٢١٩).
(٣) الدر المختار، للحصكفي، مع حاشية ابن عابدين، (٤/ ١٢٥ - ١٣٤).
(٤) مختصر خليل مع مواهب الجليل، (٥/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>