للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادسًا: إذا استجمع العقد المدني أسباب الصحة وكانت المرأة ممن يصلح نكاحها من أهل الكتاب بالشروط المعتبرة، ولم تكن من أهل دار الحرب، وخلت عن سائر الموانع، ثم أراد رجل مسلم أن يتزوجها بعد اتفاقٍ قبل العقد على مقصوده من تحصيل الإقامة بتلك البلد للحاجة المشروعة والمعتبرة شرعًا، فتواطآ على هذا الشرط قبل العقد، ثم خلا العقد عند إبرامه عن هذا الشرط فما حكم النكاح؟

تقدَّم أن جهتين كبيرتين أفتتا ببطلان هذا العقد وفساده وأنهما بَنَتَا الحرمةَ والفسادَ على أمورٍ ذُكِرَتْ آنفًا.

ومن تلك العلل: أن النكاح لم يشرع لتحصيلِ مقاصدَ كهذه التي ذُكِرَتْ من طلب الإقامة ونحوها، وأن الزواج إنما شرع للبقاء والديمومة، وهذا الصوري ينافي ذلك.

وقد يُنَاقَشُ هذا القول بأن "بطلان هذا العقد ليس صحيحًا؛ فالزواج في الإسلام ليس مقصودًا منه الديمومة والبقاء، وإنما له قصود مختلفة، ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: "تنكح المرأة لأربع خصال؛ لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها. . . " (١).

وقد ذكر الشاطبي قصودًا كثيرة قائمة من الحديث؛ كالتناسل القائم من حديث: "تزوجوا الولود الودود" (٢)، والقيام على مصالح الزواج القائم من حديث جابر (٣).

ولهذا. . . فلا عبرة بقصد الطلاق عند النكاح؛ لتحقق هذه القصود أو بعضها بالنكاح، وفي هذا قال الشاطبي:


(١) سبق تخربِحه.
(٢) أخرجه: أبو داود، كتاب النكاح، باب: من تزوج الولود، (٢٠٥٠)، والنسائي، كتاب النكاح، باب: كراهية تزويج العقيم، من حديث معقل بن يسار -رضي الله عنه- مرفوعًا. وقال الحاكم في المستدرك، (٢/ ١٦٢): هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذا السياق، ووافقه الذهبي.
(٣) أخرجه: البخاري، كتاب البيوع، باب: شراء الحمير والدواب. . .، (٢٠٩٧)، ومسلم، كتاب الرضاع، باب: استحباب نكاح البكر، (٧١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>