"الأسباب -من حيث هي أسباب شرعية لمسببات- إنما شُرعت لتحصيل مسبباتها، وهي المصالح المجتلبة، أو المفاسد المستدفعة.
والمسببات بالنظر إلى أسبابها ضربان:
أحدهما: ما شرعت الأسباب لها إمَّا بالقصد الأول، وهي مُتعلق المقاصد الأصلية، أو المقاصد الأُوَل أيضًا، وإما بالقصد الثاني، وهي متعلق المقاصد التابعة، وكلا الضربين مبين في كتاب المقاصد.
والثاني: ما سوى ذلك، مما يُعْلَمُ أو يُظَنُّ أن الأسباب لم تُشرع لها، أو لا يعلم ولا يظن أما شُرِعَتْ لها، أو لم تُشرع لها؛ فتجيء الأقسام ثلاثة:
أحدها: ما يُعلم أو يُظن أن السبب شرع لأجله؛ فَتَسَبُّبُ المتسبِبِ فيه صحيح؛ لأنه أتى من بابه، وتوسل إليه بما أَذِنَ الشارع في التوسل به إلى ما أذن أيضًا في التوسل إليه؛ لأنا فرضنا أن الشارع قصد بالنكاح -مثلًا- التناسل أولًا، ثم يتبعه اتخاذ السكن، ومصاهرة أهل المرأة لشرفهم أو دينهم، أو نحو ذلك، أو الخدمة، أو القيام على مصالحه، أو التمتع بما أحل الله من النساء، أو التجمل بمال المرأة، أو الرغبة في جمالها، أو الغبطة بدينها، أو التعفف عما حرم الله، أو نحو ذلك، حسبما دلت عليه الشريعة. . . فصار إِذَنْ ما قصده هذا المتسبب مقصود الشارع على الجملة، وهذا كافٍ، وقد تبين في كتاب المقاصد: أن القصد المطابق لقصد الشارع هو الصحيح، فلا سبيل إلى القول بفساد هذا التسبُّبِ" (١).
"وفي مذهب مالك من هذا كثير جدًّا؛ ففي (المدونة) فيمن نكح وفي نفسه أن يفارق: أنه ليس من نكاح المتعة، فإذا تزوج المرأة ليمين لزمته أن يتزوجَ على امرأته، فقد فرضوا