للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة، وقال مالك: إن النكاح حلال، فإن شاء أن يقيم عليه أقام، وإن شاء أن يفارق فارق، وقال ابن القاسم: وهو مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم مما علمنا أو سمعنا.

قال: وهو عندنا نكاح ثابت: الذي يتزوج يريد أن يَبَرَّ في يمينه، وهو بمنزلة من يتزوج المرأة للذة يريد أن يصيب منها، لا يريد حبسها، ولا ينوي ذلك، على ذلك نيته وإضماره في تزويجها، فأمرُهما واحد، فإن شاءا أن يقيما أقاما؛ لأن أصل النكاح حلال. ذكر هذا في (المبسوطة).

وفي (الكافي) في الذي يقدم البلدة، فيتزوج المرأة ومِن نيته أن يطلقها بعد السفر: أن قول الجمهور جوازه.

وذكر ابن العربي مبالغة مالك في منع نكاح المتعة، وأنه لا يجيزه بالنية؛ كأن يتزوجها بقصد الإقامة معها مدة، وإن لم يلفظ بذلك، ثم قال: وأجازه سائر العلماء، ومثَّلَ بنكاح المسافرين، قال: وعندي أن النية لا تؤثر في ذلك، فإنا لو ألزمناه أن ينوي بقلبه النكاح الأبدي. . . لكان نكاحًا نصرانيًّا، فإذا سلِم لفظه لم تضره نيته، ألا ترى أن الرجل يتزوج على حسن العشرة، ورجاء الأدمة، فإن وجدها وإلَّا فارق، كذلك يتزوج على تحصيل العصمة فإن اغتبط ارتبط، وإن كره فارق، وهذا كلامه في كتاب (الناسخ والمنسوخ).

وحكى اللخمي (١) عن مالك: فمن نكح لغربة أو لهوى؛ ليقضي إربه ويفارق فلا بأس.

فهذه مسائل دلَّتْ على خلاف ما تقدَّم في القاعدة المستدل عليها، وأشدها مسألة حل اليمين؛ لأنه لم يقصد النكاح رغبة فيها، وإنما قصد أن يَبَرَّ في يمينه، ولم يشرع النكاح لمثل هذا.

ونظائر ذلك كثيرة، وجميعها صحيح مع القصد المخالف لقصد الشارع، وما ذلك


(١) أبو الحسن، علي بن محمد الربعي، اللخمي، كان فقيهًا فاضلًا دَيِّنًا مفتيًا متفننًا، ذا حظ من الأدب والحديث، جيد النظر، حسن الفقه، جيد الفهم، توفي سنة ٤٧٨ هـ ترتيب المدارك، للقاضي عياض، (٨/ ١٠٩)، الأعلام، للزركلي، (٤/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>