للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي قَوْلِهِمْ وَإِلَّا فَلَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَا: يَصِيرُ مَسْجِدًا وَتَصِيرُ الطَّرِيقُ مِنْ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِي السِّغْنَاقِيِّ وَلَوْ عَزَلَ بَابَهُ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ يَصِيرُ مَسْجِدًا، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَمَنْ جَعَلَ مَسْجِدًا تَحْتَهُ سِرْدَابٌ أَوْ فَوْقَهُ بَيْتٌ وَجَعَلَ بَابَ الْمَسْجِدِ إلَى الطَّرِيقِ وَعَزَلَهُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَإِنْ مَاتَ يُورَثُ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ السِّرْدَابُ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ جَازَ كَمَا فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

إذَا أَرَادَ إنْسَانٌ أَنْ يَتَّخِذَ تَحْتَ الْمَسْجِدِ حَوَانِيتَ غَلَّةً لِمَرَمَّةِ الْمَسْجِدِ أَوْ فَوْقَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ التَّسْلِيمُ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ جَمَاعَةٌ بِإِذْنِهِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ يُشْتَرَطُ أَدَاءُ الصَّلَاةِ فِيهِ بِالْجَمَاعَةِ بِإِذْنِهِ اثْنَانِ فَصَاعِدًا، كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَةُ الْحَسَنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ جَهْرًا لَا سِرًّا، حَتَّى لَوْ صَلَّى جَمَاعَةٌ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ سِرًّا لَا جَهْرًا لَا يَصِيرُ مَسْجِدًا عِنْدَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْكِفَايَةِ.

وَلَوْ جَعَلَ رَجُلًا وَاحِدًا مُؤَذِّنًا وَإِمَامًا وَأَقَامَ وَصَلَّى وَحْدَهُ صَارَ مَسْجِدًا بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَإِذَا سَلَّمَ الْمَسْجِدَ إلَى مُتَوَلٍّ يَقُومُ بِمَصَالِحِهِ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ فِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَا إذَا سَلَّمَهُ إلَى الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

وَالْإِضَافَةُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْوَصِيَّةِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصَيْرُورَةِ الْمَكَانِ مَسْجِدًا صِحَّةً وَلُزُومًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَوْقَافِ عَلَى مَذْهَبِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْوَاقِعَاتِ فِي بَابِ الْعَيْنِ مِنْ كِتَابِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ. رَجُلٌ لَهُ سَاحَةٌ لَا بِنَاءَ فِيهَا أَمَرَ قَوْمًا أَنْ يُصَلُّونَ فِيهَا بِجَمَاعَةٍ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا إمَّا أَنْ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ فِيهَا أَبَدًا نَصًّا، بِأَنْ قَالَ: صَلُّوا فِيهَا أَبَدًا. أَوْ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَنَوَى الْأَبَدَ. فَفِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ صَارَتْ السَّاحَةُ مَسْجِدًا لَوْ مَاتَ لَا يُورَثُ عَنْهُ، وَإِمَّا أَنْ وَقَّتَ الْأَمْرَ بِالْيَوْمِ أَوْ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ. فَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا تَصِيرُ السَّاحَةُ مَسْجِدًا لَوْ مَاتَ يُورَثُ عَنْهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

مُتَوَلِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>