للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاصْطَلَحَ هَذَا الْوَارِثُ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى حَكَمٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الْمَيِّتِ بِحَقِّهِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ لَا يَظْهَرُ حُكْمُهُ فِي حَقِّ الْغُيَّبِ، غَيْرَ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ يَقْضِي عَلَى الْحَاضِرِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَيَسْتَوْفِي ذَلِكَ مِمَّا فِي يَدِهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ يَقْضِي عَلَى الْحَاضِرِ بِالنِّصْفِ.

وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا وَقَبَضَهُ وَنَقَدَ الثَّمَنَ ثُمَّ طَعَنَ بِعَيْبٍ وَاصْطَلَحَا عَلَى حَكَمٍ فَقَضَى بِالرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ فِي ذَلِكَ الْعَيْبِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ اصْطَلَحُوا جَمِيعًا عَلَى حُكْمِ هَذَا الْمُحَكَّمِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ وَالْبَائِعُ الْأَوَّلُ، وَرَدَّ هُوَ الْعَبْدَ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي فَأَرَادَ الْبَائِعُ الثَّانِي أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قِيَاسًا، وَلَهُ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِخَصْمٍ لِلْحَالِ إذْ لَا خُصُومَةَ مَعَهُ فِي الْعَيْبِ قَبْلَ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي فَلَا يَصِحُّ تَحْكِيمُهُ مَعْنًى فِي الْعَيْبِ قَبْلَ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ فَصَارَ وُجُودُ هَذَا التَّحْكِيمِ وَالْعَدَمُ بِمَنْزِلَةٍ. وَلَوْ نَقَضَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ الْحُكُومَةَ بَعْدَ مَا رَدَّ الْعَبْدَ عَلَى الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ صَحَّ النَّقْضُ، وَإِذَا صَحَّ الْعَزْلُ لَا يَمْلِكُ الْحَكَمُ رَدَّ الْعَبْدِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ خَاصَمَ الْبَائِعُ الثَّانِي الْبَائِعَ الْأَوَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَبَبِ هَذَا الْعَيْبِ عِنْدَ قَاضٍ مِنْ الْقُضَاةِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَرُدَّهُ الْقَاضِي عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَرُدُّهُ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ سِلْعَةَ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ فَطَعَنَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ فَحَكَّمَا بَيْنَهُمَا حَكَمًا بِرِضَا الْآمِرِ فَرَدَّهَا الْحَكَمُ عَلَى الْبَائِعِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَيْبِ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ بِنُكُولِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ، فَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِنُكُولِ الْوَكِيلِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمُوَكَّلِ وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِإِقْرَارِهِ بِالْعَيْبِ وَذَلِكَ عَيْبٌ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ رَدَّهُ عَلَى الْمُوَكَّلِ أَيْضًا، فَإِنْ كَانَ يَحْدُثُ مِثْلُهُ لَمْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمُوَكَّلِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْمُوَكَّلِ وَإِنْ كَانَتْ الْحُكُومَةُ بِغَيْرِ رِضَا الْآمِرِ لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ كَانَ عَيْبًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ اشْتَرَى عَبْدًا لِرَجُلٍ بِأَمْرِهِ فَطَعَنَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ بِهِ وَحَكَّمَا فِيمَا بَيْنَهُمَا رَجُلًا بِرِضَا الْآمِرِ وَرَدَّهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارٍ أَوْ بِنُكُولٍ؛ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا عَلَى الْآمِرِ وَهَذَا ظَاهِرٌ. وَلَوْ كَانَ التَّحْكِيمُ بِغَيْرِ رِضَا الْآمِرِ وَرُدَّ بِبَعْضِ مَا ذَكَرْنَا، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ وَكَانَ الرَّدُّ جَائِزًا عَلَى الْآمِرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

فِي الْيَتِيمَةِ وَسُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ وَصِيِّ الصَّغِيرِ وَعَنْ غَرِيمِ أَبِي الصَّغِيرِ إذَا حَكَّمَا رَجُلًا فَأَقَامَ الْغَرِيمُ عَلَى وَصِيِّ الصَّغِيرِ بَيِّنَةً عِنْدَهُ هَلْ لِلْحَكَمِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى وَصِيِّ الصَّغِيرِ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ أَمْ يَكُونُ لِلْقَاضِي خَاصَّةً؟ فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِشَيْءٍ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الصَّغِيرِ. وَسُئِلَ عَنْهَا أَبُو حَامِدٍ فَقَالَ: لَا. وَسُئِلَ عَنْهَا حِمْيَرُ الْوَبَرِيُّ، فَقَالَ: إنْ كَانَ فِي حُكْمِ الْحَاكِمِ نَظَرٌ لِلصَّبِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ وَيَنْفُذَ حُكْمُهُ فَيَكُونَ بِمَنْزِلَةِ صُلْحِ الْوَصِيِّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

[الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ وَالْوِرَاثَةِ وَفِي إثْبَاتِ الدَّيْنِ]

(الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ وَالْوِرَاثَةِ وَفِي إثْبَاتِ الدَّيْنِ) قَالَ: وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ رَجُلًا وَكَّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ بِالْكُوفَةِ وَبِقَبْضِهِ وَالْخُصُومَةِ فِيهِ وَجَاءَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>