للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَكْبَرُ، وَأَمِيرُ الْجُنْدِ، وَصَاحِبُ الْمَقَاسِمِ، وَهُوَ الَّذِي فُوِّضَ إلَيْهِ أَمْرُ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ، فَصَاحِبُ الْمَقَاسِمِ لَا يَمْلِكُ التَّصَدُّقَ بِالْفَضْلِ وَأَمِيرُ الْجُنْدِ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ عَلَى بَيْتِ مَالِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَالْإِمَامُ الْأَعْظَمُ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ عَلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.

وَلَوْ أَنَّ جُنْدًا عَظِيمًا أَصَابُوا غَنَائِمَ وَأَخْرَجُوهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَمْ يُقَسِّمْ حَتَّى تَفَرَّقَ النَّاسُ، وَذَهَبُوا إلَى مَنَازِلِهِمْ، وَلَا يَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ، وَبَقِيَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ أَعْطَى الْإِمَامُ الْبَاقِينَ أَنْصِبَاءَهُمْ، وَيُمْسِكُ حِصَّةَ الْغُيَّبِ، فَإِذَا مَضَى سَنَةٌ، وَلَمْ يَجِيءَ لَهَا طَالِبٌ تَصَدَّقَ بِهَا، وَلَوْ غَلَّ رَجُلٌ شَيْئًا مِنْ الْمَغَانِمِ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ إلَّا بَعْدَ مَا قُسِّمَتْ الْغَنَائِمُ، وَتَفَرَّقَ أَهْلُهَا فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُصَدِّقَهُ فِيمَا قَالَ وَيَأْخُذَهُ مِنْهُ، وَيُخَمِّسَهُ وَيَصْرِفَ الْخُمُسَ إلَى الْفُقَرَاءِ وَيُمْسِكَ الْبَاقِي حَتَّى يَجِيءَ مُسْتَحِقُّوهُ، فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِي مَجِيءِ مُسْتَحَقِّيهِ تَصَدَّقَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ كَذَّبَهُ فِيمَا قَالَ، وَأَخَذَ مِنْهُ خُمُسَ مَا جَاءَ بِهِ، وَتَرَكَ أَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ الْغَالُّ بِذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ، وَلَكِنَّهُ تَابَ يُمْسِكُهُ إلَى أَنْ يَطْمَعَ فِي مَجِيءِ مُسْتَحِقِّهِ، وَإِذَا انْقَطَعَ طَمَعُهُ فِي ذَلِكَ تَصَدَّقَ بِهِ إنْ شَاءَ بِشَرْطِ الضَّمَانِ إذَا حَضَرَ الْمُسْتَحِقُّ، وَلَمْ يُجِزْ صَدَقَتَهُ، وَلَكِنَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي التَّنْفِيلِ]

ِ وَيُسْتَحَبُّ التَّنْفِيلُ لِلْإِمَامِ وَأَمِيرِ الْعَسْكَرِ، فَإِنْ نَفَلَ الْإِمَامُ أَوْ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ، وَجَعَلَ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي أَيْدِي الْغَانِمِينَ لَا يَجُوزُ التَّنْفِيلُ بِمَا كَانَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، وَإِذَا نَفَلَ الْإِمَامُ، فَقَالَ: مَنْ أَصَابَ شَيْئًا، فَهُوَ لَهُ فَأَصَابَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ شَيْئًا فِي دَارِ الْحَرْبِ كَانَ لَهُ خَاصَّةً لَا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ، وَلَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ مَاتَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَمَا أَصَابَ يَكُونُ مِيرَاثًا عَنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ بِكُلِّ الْمَأْخُوذِ بِأَنْ يَقُولَ لِلْعَسْكَرِ كُلُّ مَا أَصَبْتُمْ، فَهُوَ لَكُمْ، فَإِنْ دَخَلَ الْإِمَامُ دَارَ الْحَرْبِ مَعَ الْجَيْشِ، وَبَعَثَ سَرِيَّةً، وَنَفَلَ لَهُمْ مَا أَصَابُوا جَازَ، وَإِنْ بَعَثَ سَرِيَّةً مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُلَ السَّرِيَّةَ مَا أَصَابُوا، وَلَا يَنْفُلَ بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ إلَّا مِنْ الْخُمُسِ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ نَفَلَ بَعْدَ الْإِصَابَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِبَعْضِ مَنْ كَانَ لَهُ عَنَاءٌ أَوْ بَلَاءٌ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ مِنْهُ بِأَنْ يُحَوِّلَ رَأْيَهُ إلَى ذَلِكَ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى إمَامٍ لَا يَرَى التَّنْفِيلَ بَعْدَ الْإِصَابَةِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ مَا صَنَعَ الْأَوَّلُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَا يَسْتَحِقُّ الْقَاتِلُ سَلَبَ الْمَقْتُولِ بِنَفْسِ الْقَتْلِ مَا لَمْ يَنْفُلْ الْإِمَامُ قَبْلَ الْقَتْلِ فَيَقُولُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَكَمَا يَجُوزُ التَّنْفِيلُ بَعْدَ رَفْعِ الْخُمُسِ بِأَنْ بَعَثَ الْإِمَامُ سَرِيَّةً وَقَالَ لَهُمْ: مَا أَصَبْتُمْ فَلَكُمْ الثُّلُثُ بَعْدَ الْخُمُسِ أَوْ قَالَ: فَلَكُمْ الرُّبْعُ بَعْدَ الْخُمُسِ، ثُمَّ أَنْتُمْ شُرَكَاءُ الْجَيْشِ فِيمَا بَقِيَ يَجُوزُ مُطْلَقًا بِأَنْ بَعَثَ الْإِمَامُ سَرِيَّةً وَقَالَ لَهُمْ: مَا أَصَبْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَلَكُمْ الثُّلُثُ أَوْ قَالَ: فَلَكُمْ الرُّبْعُ، ثُمَّ أَنْتُمْ شُرَكَاءُ الْجَيْشِ فِيمَا بَقِيَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْفُقَرَاءِ فِي الْخُمُسِ، وَبَعْدَ هَذَا يُنْظَرُ إنْ كَانَ نَفَلَهُمْ ثُلُثًا أَوْ رُبْعًا مُطْلَقًا أَعْطَاهُمْ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبْعَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ يَرْفَعُ الْخُمُسَ عَنْ الْبَاقِي، ثُمَّ يُقَسِّمُ الْبَاقِيَ بَيْنَ جَمِيعِ الْعَسْكَرِ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ السَّرِيَّةُ مِنْ جُمْلَتِهِمْ وَإِنْ نَفَلَهُمْ الرُّبْعَ أَوْ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ رَفَعَ الْخُمُسَ أَوَّلًا مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ، ثُمَّ أَعْطَى السَّرِيَّةَ نَفْلَهُمْ مِمَّا بَقِيَ، ثُمَّ قَسَّمَ الْبَاقِيَ بَيْنَ جَمِيعِ الْعَسْكَرِ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الْإِمَامُ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ: جَمِيعُ مَا أَصَبْتُمْ، فَهُوَ لَكُمْ نَفْلًا بِالسَّوِيَّةِ بَعْدَ الْخُمُسِ فَهَذَا بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا لَمْ يُجْعَلْ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ، فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ الْقَاتِلُ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ وَالسَّلَبُ مَرْكَبُهُ وَمَا عَلَى الْقَتِيلِ مِنْ ثِيَابِهِ وَسِلَاحِهِ وَمَا عَلَى مَرْكَبِهِ مِنْ السَّرْجِ وَالْآلَةِ وَمَا مَعَهُ عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ مَالِهِ فِي حَقِيبَتِهِ أَوْ عَلَى وَسْطِهِ لَا عَبْدُهُ وَمَا مَعَهُ وَدَابَّتُهُ وَمَا عَلَيْهَا وَمَا فِي بَيْتِهِ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ فَرَسُهُ فَقَتَلَ رَجُلٌ رَاجِلًا وَمَعَ غُلَامِهِ فَرَسُهُ قَائِمٌ بِجَنْبِهِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ يَكُونُ فَرَسُهُ لِلْقَاتِلِ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>