للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُتْرَكُ لَهُ دَسْتَانِ مِنْ الثِّيَابِ حَتَّى إذَا غَسَلَ أَحَدَهُمَا لَبِسَ الْآخَرَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا بَاعَ أَمِينُ الْقَاضِي عُرُوضَ الْمَدْيُونِ فِي دَيْنِهِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ، رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَرِيمِ وَيَرْجِعُ الْغَرِيمُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَيَجُوزُ إقْرَارُ الْمَحْبُوسِ بِالدَّيْنِ لِغَيْرِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى وَجْهِ التَّلْجِئَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا أَقَرَّ الْمَحْبُوسُ بِالْبَيْعِ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ صَحِيحًا وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ، وَمَا كَانَ ذَلِكَ تَلْجِئَةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يُرَوِّجُ الْمَدْيُونَةَ لِيَقْضِيَ دَيْنَهَا مِنْ مَهْرِهَا، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ مَلِيءٍ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُجْبِرُ الْمُعْسِرَ حَتَّى يَتَقَاضَى مَا لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ الْمُوسِرِ فَإِنْ فَعَلَ وَحَبَسَ غَرِيمَهُ الْمُوسِرَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يَحْبِسُ الْمُعْسِرَ بِمَا عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا كَانَ لِلْمُعْسِرِ دَيْنٌ عَلَى غَرِيمِهِ أَخَذَ الْقَاضِي غَرِيمَهُ بِدَيْنِهِ وَقَضَى دَيْنَ غُرَمَائِهِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَحْبُوسِ بِالدَّيْنِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَلَهُ مَالٌ بِبَلْدَةٍ أُخْرَى، يُؤْمَرُ رَبُّ الدَّيْنِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ السِّجْنِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ عَلَى قَدْرِ الْمَسَافَةِ وَيَأْمُرُ أَنْ يَخْرُجَ وَيَبِيعَ مَالَهُ وَيَقْضِيَ دَيْنَهُ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ حَبَسَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمَالُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ فِي حَقِّ الْحَبْسِ حَتَّى أَنَّهُ يُحْبَسُ فِي الدِّرْهَمِ وَفِي أَقَلَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَانِعَ الدِّرْهَمِ وَمَا دُونَهُ ظَالِمٌ، كَذَا فِي الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ مِنْ الْمَبْسُوطِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

تَشَاتَمَ الْخَصْمَانِ عِنْدَ الْقَاضِي إنْ شَاءَ حَبَسَهُمَا أَوْ عَزَّرَهُمَا حَتَّى لَا يَعُودَا إلَى مِثْلِهِ عِنْدَ الْقَاضِي، فَإِنْ عَفَا فَحَسَنٌ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ لَا يُعَزِّرُهُ بِلَا طَلَبِ خَصْمِهِ لَكِنْ يَمْنَعُهُ عَنْ ذَلِكَ رَجُلٌ يَشْتُمُ النَّاسَ إنْ كَانَ مَرَّةً يُوعَظُ، وَإِنْ كَانَ شَتَّى ضُرِبَ وَحُبِسَ حَتَّى يَتْرُكَ، كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِيمَا يَقْضِي بِهِ الْقَاضِي وَيُرَدُّ قَضَاؤُهُ وَمَا لَا يُرَدُّ]

(الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِيمَا يَقْضِي بِهِ الْقَاضِي وَيُرَدُّ قَضَاؤُهُ وَمَا لَا يُرَدُّ) مَا يَجِبُ اعْتِبَارُهُ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا - أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي مَتَى اعْتَمَدَ سَبَبًا صَحِيحًا ثُمَّ بَطَلَ السَّبَبُ مِنْ بَعْدُ لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ، وَإِذَا ثَبَتَ عَدَمُ السَّبَبِ مِنْ الْأَصْلِ بَعْدَ وُجُودِهِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرِ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَبْطُلُ الْقَضَاءُ.

وَالثَّانِي - أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي يُوجِبُ تَوَقُّفَ الْبَيْعِ السَّابِقِ عَلَى إجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ وَلَا يُوجِبُ نَقْضَهُ وَفَسْخَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَارِيَةً وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ بِالْبَيِّنَةِ وَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي حَاضِرَانِ، وَقَضَى الْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>