للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَا ضَامِنٌ بِالْعَبْدِ الَّذِي تَدَّعِي قَالَ هُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْعَبْدِ فَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَاسْتَحَقَّهُ بِبَيِّنَةٍ فَهُوَ ضَامِنٌ بِقِيمَتِهِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَهُ عَبْدًا وَمَاتَ فِي يَدِهِ فَقَالَ: خَلِّهِ فَأَنَا ضَامِنٌ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ فَهُوَ ضَامِنٌ يَأْخُذُهُ بِهِ مِنْ سَاعَتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِثْبَاتِ بِالْبَيِّنَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَبِالْمَالِ]

الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ بِطَرِيقِهِ بِأَنْ يَعْلَمَ الطَّالِبُ مَكَانَهُ فَيُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ أَوْ يُوَافِقُهُ إذَا ادَّعَاهُ أَوْ يُكْرِهُهُ بِالْحُضُورِ إلَى مَجْلِسِ الْحَاكِمِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ اسْتَعَانَ بِأَعْوَانِ الْقَاضِي كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

مَنْ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ فَأَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا آخَرَ فَهُمَا كَفِيلَانِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمَضْمُونُ بِهَا إحْضَارُ الْمَكْفُولِ بِهِ فَإِنْ شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ تَسْلِيمَ الْمَكْفُولِ بِهِ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ إنْ طَالَبَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ رِعَايَةً لِمَا الْتَزَمَهُ فَإِنْ أَحْضَرَهُ فَبِهَا، وَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ الْحَاكِمُ كَذَا فِي الْكَافِي هَذَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ عَجْزُهُ، وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ عَجْزُهُ فَلَا مَعْنَى لِحَبْسِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفِيلِ فَيُلَازِمُهُ وَيُطَالِبُهُ وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَشْغَالِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ مُلَازَمَتُهُ اسْتَوْثَقَ مِنْهُ بِكَفِيلٍ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَا يَحْبِسُهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ إنَّمَا يَحْبِسُهُ بَعْدَ الدَّفْعِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ هَذَا إذَا كَانَ مُقِرًّا بِالْكَفَالَةِ أَمَّا إذَا كَانَ مُنْكِرًا فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ أَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي فَنَكَلَ يَحْبِسُهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَيْسَ هَذَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ خَاصَّةً بَلْ فِي عَامَّةِ الْحُقُوقِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَوْ غَابَ الْمَكْفُولُ بِنَفْسِهِ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْهُ يَحْبِسُهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَإِنْ غَابَ وَلَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ لَا يُطَالِبُ بِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْكَفِيلُ لَا أَعْرِفُ مَكَانَهُ وَقَالَ الطَّالِبُ تَعْرِفُ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ خُرْجَةً مَعْرُوفَةً يَخْرُجُ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ لِلتِّجَارَةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ وَيُؤْمَرُ الْكَفِيلُ بِالذَّهَابِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْكَفِيلِ، وَإِنْ أَقَامَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا أُمِرَ الْكَفِيلُ بِالذَّهَابِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِحْضَارِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

لَوْ لَحِقَ الْمَكْفُولُ بِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ قَادِرًا عَلَى رَدِّهِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مُوَاعَدَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَحِقَ بِهِمْ مُرْتَدًّا يَرُدُّونَهُ إلَيْنَا إذَا طَلَبَنَا فَيُمْهِلُ الْكَفِيلُ قَدْرَ ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى رَدِّهِ بِأَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مُوَاعَدَةٌ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَا فَالْكَفِيلُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ قُلْنَا إنَّهُ يُؤْمَرُ بِالذَّهَابِ إلَيْهِ لِلطَّالِبِ أَنْ يَسْتَوْثِقَ الْكَفِيلَ بِكَفِيلٍ آخَرَ حَتَّى لَا يَغِيبَ الْآخَرُ فَيُضَيِّعَ حَقَّهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَجَازَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فِي الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَالسَّرِقَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنْ لَا يُجْبَرُ بَلْ إذَا سَمَحَتْ وَطَابَتْ نَفْسُهُ بِإِعْطَاءِ الْكَفِيلِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَأَمَّا الْحُدُودُ الْخَالِصَةُ لِلَّهِ تَعَالَى - كَحَدِّ الشُّرْبِ، وَالزِّنَا وَكَحَدِّ السَّرِقَةِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ فَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ فِيهَا، وَإِنْ طَابَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>