للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الصُّلْحُ سَوَاءٌ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ لِحَقِّ مَوْلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مَالًا بِقُوَّتِهِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ لِحَقِّ مَوْلَى الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي صُلْحِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْحَرْبِيِّ]

(الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي صُلْحِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْحَرْبِيِّ) كُلُّ صُلْحٍ جَازَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ جَازَ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَجُوزُ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَا خَلَا خَصْلَةً وَاحِدَةً وَهُوَ الصُّلْحُ عَنْ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَيْهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِدِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مِنْ الْعَشَرَةِ خَمْسَةً فَإِنْ كَانَتْ الْعَشَرَةُ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا لَمْ يَجُزْ لِمَعْنَى الرِّبَا وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً جَازَ الصُّلْحُ بِطَرِيقِ الْإِسْقَاطِ وَإِذَا غَصَبَ نَصْرَانِيٌّ مِنْ نَصْرَانِيٍّ خِنْزِيرًا ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَإِنْ كَانَ الْخِنْزِيرُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ، حَالًّا أَوْ إلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَ الْخِنْزِيرُ مُسْتَهْلَكًا لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ إذَا صَالَحَ عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ حَالًّا وَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ فَهَذَا يَجُوزُ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ كَانَ الْخِنْزِيرُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فَصَالَحَهُ عَلَى خِنْزِيرٍ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَا قَائِمَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا جَازَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

لَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا غَصَبَ مِنْ حَرْبِيٍّ مَالًا وَاسْتَهْلَكَهُ أَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ ثُمَّ صَالَحَهُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ التَّاجِرُ أَوْ الَّذِي أَسْلَمَ هُنَاكَ لَوْ أَتْلَفَ مَالَ حَرْبِيٍّ أَوْ غَصَبَ مِنْهُ مَالًا ثُمَّ اصْطَلَحَا وَالْمَغْصُوبُ قَائِمٌ أَوْ مُسْتَهْلَكٌ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ حَرْبِيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ هُنَاكَ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ.

وَلَوْ غَصَبَ رَجُلٌ مِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي دَارِ الْحَرْبِ شَيْئًا فَاصْطَلَحَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى صُلْحٍ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَلَوْ أَدَانَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ دَيْنًا ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ حَطَّ عَنْهُ بَعْضَهُ وَأَخَّرَ بَعْضَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

إذَا أَسْلَمَ الْحَرْبِيَّانِ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ غَصَبَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا أَوْ جَرَحَهُ جِرَاحَةً ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى صُلْحٍ لَمْ يَنْبَغِ أَنْ يَجُوزَ الصُّلْحُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْحَاوِي.

إذَا أَدَانَ مُسْلِمٌ الْحَرْبِيَّ فِي دَارِ الْحَرْبِ دَيْنًا ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى حَطِّ بَعْضِهِ وَأَخَّرَ بَعْضَهُ فَحَلَّ مَا أَخَّرَ عَنْهُ وَخَرَجَ الْحَرْبِيُّ مُسْتَأْمَنًا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَرَادَ الْمُسْلِمُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالدَّيْنِ وَيَرْجِعَ فِيمَا حَطَّ لَمْ يُؤَاخِذْهُ بِمَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهُ وَلَمْ يَرْجِعْ فِيمَا حَطَّ عَنْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْحَرْبِيُّ هُوَ الطَّالِبُ لِلْمُسْلِمِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ بَيْنَ حَرْبِيَّيْنِ ثُمَّ خَرَجَا بِأَمَانٍ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَأَمَّا إذَا أَسْلَمَا أَوْ صَارَا ذِمَّةً فَيَقْضِي الْقَاضِي بِذَلِكَ يَنْفُذُ الْحَطُّ وَالتَّأْخِيرُ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا بِطَرِيقِ الصُّلْحِ وَيُجْبِرُ الْمَطْلُوبَ عَلَى أَدَاءِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ وَأَدَانَ أَوْ اسْتَدَانَ أَوْ غَصَبَ أَوْ غُصِبَ مِنْهُ ثُمَّ صَالَحَ عَلَى حَطٍّ أَوْ تَأْخِيرٍ فَهُوَ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ مَعَ مُسْلِمٍ أَوْ مُسْتَأْمَنٍ مِنْ دَارِهِ أَوْ مِنْ دَارٍ أُخْرَى وَكَذَلِكَ لَوْ لَحِقَا بِدَارِهِمَا ثُمَّ عَادَا مُسْتَأْمَنَيْنِ فَذَلِكَ الصُّلْحُ نَافِذٌ عَلَيْهِمَا هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَاب الثَّامِن عَشْر فِي بَيِّنَة يُقِيمهَا الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ المصالح عَلَيْهِ]

(الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي بَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا بَعْدَ الصُّلْحِ يُرِيدُونَ إبْطَالَهُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>