للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَا فِي الْكُبْرَى.

رَجُلٌ غَصَبَ ثَوْبًا أَوْ دَابَّةً أَوْ دَرَاهِمَ وَهِيَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا فَأَبْرَأَهُ مِنْهَا صَحَّ وَيَصِيرُ الْغَصْبُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، وَكَذَا إذَا أَحْلَلَهُ مِنْ ذَلِكَ بَرِئَ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ سَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا أَوْ مُسْتَهْلَكًا إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَهُوَ إبْرَاءٌ عَنْ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَهُوَ إبْرَاءٌ عَنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ وَتَصِيرُ الْعَيْنُ أَمَانَةً عِنْدَ الْغَاصِبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

رَجُلٌ قَطَعَ غُصْنًا فَنَبَتَ مَكَانَهَا آخَرُ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَصَدَ زَرْعًا أَوْ بَقْلًا فَنَبَتَ مَكَانَهُ آخَرُ لَا يَبْرَأُ عَنْ ضَمَانِ الْمَحْصُودِ وَالْمَقْطُوعِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ غَصَبَ مِنْ آخَرَ سَاجَةً وَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ أَوْ غَصَبَ مِنْ آخَرَ تَالَّةً وَغَرَسَهَا فِي أَرْضِهِ وَكَبِرَتْ حَتَّى انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ، ثُمَّ إنَّ الْمَالِكَ قَالَ لِلْغَاصِبِ وَهَبْت لَكَ السَّاجَةَ وَالتَّالَّةَ صَحَّ وَهَذَا إبْرَاءٌ عَنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَفِي النَّوَازِلِ هَشَّمَ إبْرِيقَ فِضَّةٍ لِإِنْسَانِ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَهَشَّمَهُ هَشْمًا بَرِئَ الْأَوَّلُ مِنْ الضَّمَانِ وَضَمِنَ الثَّانِي مِثْلَهَا وَكَذَلِكَ لَوْ صَبَّ مَاءً عَلَى حِنْطَةِ إنْسَانٍ فَجَاءَ آخَرُ وَصَبَّ عَلَيْهَا مَاءً آخَرَ وَزَادَ فِي نُقْصَانِهَا بَرِئَ الْأَوَّلُ عَنْ الضَّمَانِ وَضَمِنَ الثَّانِي قِيمَتَهَا يَوْمَ صَبَّ الثَّانِي كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

إذَا كَسَرَ إنَاءَ فِضَّةٍ لِرَجُلٍ وَاسْتَهْلَكَهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْكَاسِرِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّضْمِينِ تَسْلِيمُ الْمَكْسُورِ وَقَدْ فُوِّتَ ذَلِكَ بِالِاسْتِهْلَاكِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ غَصَبَ شَيْئًا وَقَبَضَ لِلْحِفْظِ وَأَجَازَ الْمَالِكُ حِفْظَهُ كَمَا أَخَذَ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ وَلَوْ أَنَّهُ انْتَفَعَ بِهِ فَأَمَرَهُ بِالْحِفْظِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَوْدَعَ الرَّجُلُ مَالَ الْغَيْرِ فَأَجَازَ الْمَالِكُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَلَوْ غَصَبَ مِنْ آخَرَ شَيْئًا فَغَابَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَجَاءَ الْغَاصِبُ إلَى الْقَاضِي وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ أَوْ يَفْرِضَ لَهُ النَّفَقَةَ فَالْقَاضِي لَا يَأْخُذُ وَلَا يَفْرِضُ لَهُ النَّفَقَةَ فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مَخُوفًا مِتْلَافًا فَرَأَى الْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ وَيَبِيعَهُ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا نَظَرٌ مِنْ وَجْهٍ فَكَانَ لِلْقَاضِي فِي ذَلِكَ رَأْيٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَاب السَّابِع فِي الدَّعْوَى الْوَاقِعَة فِي الْغَصْب وَاخْتِلَاف الْغَاصِب والمغصوب مِنْهُ]

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي الدَّعْوَى الْوَاقِعَةِ فِي الْغَصْبِ وَاخْتِلَافِ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَالشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ) أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ جَارِيَةً حَبَسْتُهُ حَتَّى يَجِيءَ بِهَا فَيَرُدَّهَا عَلَيْهِ ذَكَرَ أَبُو الْيُسْرِ وَالسَّرَخْسِيُّ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ مَسْمُوعَةٌ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ قَدْ يَكُونُ بَغْتَةً فَلَا يُمْكِنُ لِلشُّهُودِ مَعْرِفَةَ صِفَتِهَا وَقِيمَتِهَا فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ عِلْمِهِمْ بِالْأَوْصَافِ لِلتَّعَذُّرِ وَيَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمْ فِعْلُ الْغَصْبِ، ذَكَرَ بَكْرٌ إنْ لَمْ تَثْبُتْ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ فِي حَقِّ الْقَضَاءِ تَثْبُتُ فِي حَقِّ إيجَابِ الْحَبْسِ كَمَا فِي السَّرِقَةِ وَفِي الْأَقْضِيَةِ هَذَا كُلُّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّ الْجَارِيَةَ قَائِمَةٌ أَمَّا إذَا قَالَ هِيَ هَالِكَةٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى بَيَانُ الْقِيمَةِ بِالِاتِّفَاقِ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَجِيءَ بِهَا فَيَرُدَّهَا أَيْ إذَا أَعَادَ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِهَا يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَا فِي عَيْنِهَا بَعْدَ الْإِحْضَارِ فَإِنْ قَالَ الْغَاصِبُ: مَاتَتْ أَوْ أَبِقَتْ أَوْ بِعْتهَا وَسَلَّمْتهَا وَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهَا فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ إنْ أَرَادَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ وَإِنْ كَذَّبَهُ يُحْبَسُ مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى رَأْيِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَادِرًا أَخْرَجَهَا، ثُمَّ يُخَلِّيهِ وَيَقُولُ لِلْمُدَّعِي أَتُرِيدُ التَّلَوُّمَ عَلَى ظُهُورِ الْجَارِيَةِ أَوْ ضَمَانِ الْقِيمَةِ فَإِنْ أَرَادَ الْقِيمَةَ وَاتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ يُقْضَى بِتِلْكَ الْقِيمَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ فَالْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي وَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ وَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ مَا أَقَرَّ بِهِ، ثُمَّ لَوْ ظَهَرَتْ الْجَارِيَةُ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي أَخَذَ الْقِيمَةَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِتَصْدِيقِ الْغَاصِبِ إيَّاهُ فِي دَعْوَى الْقِيمَةِ أَوْ بِنُكُولِ الْغَاصِبِ فَلَا سَبِيلَ لِلْمَالِكِ عَلَيْهَا وَإِنْ أَخَذَ بِقَوْلِ الْغَاصِبِ وَلَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِهِ فَيُخَيَّرُ إنْ شَاءَ رَدَّ الْقِيمَةَ وَأَخَذَ الْجَارِيَةَ وَإِنْ رَضِيَ بِالْقِيمَةِ فَالْجَارِيَةُ لِلْغَاصِبِ قَالَ الْكَرْخِيُّ هَذَا إذَا ظَهَرَ أَنَّ الْقِيمَةَ أَكْثَرُ مِمَّا قَالَهُ الْغَاصِبُ وَإِنْ كَانَتْ كَمَا قَالَهُ فَلَا سَبِيلَ لِلْمَالِكِ عَلَيْهَا هَكَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْجَوَابُ مُطْلَقٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا جَاءَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَدَّعِي جَارِيَةً فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا جَارِيَتُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهَا جَارِيَتُهُ وَرِثَهَا عَنْ أَبِيهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالشِّرَاءِ مِنْ رَجُلٍ وَالْآخَرُ بِالشِّرَاءِ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ أَوْ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهَا جَارِيَتُهُ غَصَبَهَا إيَّاهُ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>