للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ رَجُلًا غَرِيبًا لَا يَعْرِفُ حَتَّى يَبِيعَ تِلْكَ الْعَيْنِ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْعَيْنِ ضَامِنٌ لِلْمُشْتَرِي مَا أَدْرَكَ فِي ذَلِكَ مِنْ دَرْكٍ وَمِنْ سَرِقَةٍ وَمِنْ جِزْيَةٍ وَيَخْرُجُ الْغَرِيبُ حَيْثُ شَاءَ فَيَحْصُلُ التَّوْثِيقُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا وَجَدَ عَيْبًا سِوَى السَّرِقَةِ وَالْجِزْيَةِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُخَاصِمَ صَاحِبَ الْعَيْنِ فِي الرَّدِّ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدِ وَمَوْلَى ذَلِكَ لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَالْعَاقِدُ غَرِيبٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حِيَلِ الْأَصْلِ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ، وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَقَالَ: الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ الْبَائِعُ رَجُلًا غَرِيبًا يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ مِنْ الْبَائِعِ، ثُمَّ يَبِيعُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّ مَوْلَى الْجَارِيَةِ ضَامِنٌ لِمَا أَدْرَكَ الْمُشْتَرِيَ فِيهَا مِنْ دَرْكٍ مِنْ سَرِقَةٍ أَوْ جِزْيَةٍ خَاصَّةٍ وَيَغِيبُ الْغَرِيبُ، فَإِذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهَا عَيْبًا آخَرَ سِوَى هَذَيْنِ الْعَيْبَيْنِ لَا يُمْكِنُهُ الرَّدُّ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ غَائِبٌ وَلَا يُمْكِنُهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِهَا مِنْهُ فَيَحْصُلُ مَقْصُودُ الْبَائِعِ.

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا ذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْثَقُ لِمَوْلَى الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَتْ تَرْجِعُ إلَى الْوَكِيلِ عِنْدَنَا إلَّا أَنَّ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ تَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَرُبَّمَا يَرْفَعُ الْمُشْتَرِي الْأَمْرَ إلَى قَاضٍ يَرَى الرَّدَّ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ مَوْلَى الْجَارِيَةِ رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الْجَارِيَةَ نَسَمَةً وَخَافَ الْبَائِعُ أَنْ لَا يُعْتِقَهَا الْمُشْتَرِي، وَلَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَسَدَ الْبَيْعُ كَيْفَ الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ: يَقُولُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: أَشْهِدْ عَلَى نَفْسِك بِأَنَّك إنْ اشْتَرَيْتهَا فَهِيَ حُرَّةٌ، فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ وَيَجُوزُ هَذَا؛ لِأَنَّ إضَافَةَ الْعِتْقِ إلَى الشِّرَاءِ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا، فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: إنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَعْتِقَهَا فِي حَيَاتِي وَأَحْتَاجُ إلَى خِدْمَتِهَا وَلَكِنِّي لَا أَبِيعُهَا فَأَرَادَ الْبَائِعُ الثِّقَةَ فِي ذَلِكَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي: إنْ اشْتَرَيْتهَا فَهِيَ حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ يَقُولَ: إنْ اشْتَرَيْتهَا فَهِيَ مُدَبَّرَةٌ، فَإِذَا اشْتَرَاهَا تَصِيرُ مُدَبَّرَةً فَيَسْتَخْدِمُهَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَلَا يَبِيعُهَا؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَيَحْصُلُ مَقْصُودُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي.

(رَجُلٌ) غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ ضَيْعَةً وَأَبَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ وَقَالَ بِعْنِيهَا وَهُوَ يُقِرُّ بِهِ فِي السِّرِّ وَيَجْحَدُ فِي الْعَلَانِيَةِ فَأَرَادَ حِيلَةً يَتَخَلَّصُ بِهَا ضَيْعَتَهُ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الضَّيْعَةَ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ سِرًّا وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَبِيعَهَا مِنْ الْغَاصِبِ وَيَجْعَلَ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ مُدَّةً لَا يَشْتَبِهُ التَّارِيخُ عَلَى الشُّهُودِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ يَجِيءُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ وَيُقِيمُ بَيِّنَةَ أَنَّ شِرَاءَهُ كَانَ أَسْبَقَ فَيَأْخُذُ مِنْ الْغَاصِبِ وَفِي شِرَاءِ الْمَغْصُوبِ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ جَاحِدًا اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ يَجُوزُ فَتَكُونُ هَذِهِ حِيلَةً عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

[مَسَائِلُ الِاسْتِبْرَاءِ]

(مَسَائِلُ الِاسْتِبْرَاءِ) وَلَا بَأْسَ بِالِاحْتِيَالِ فِي إسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمَأْخُوذُ بِهِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يُقِرَّ بِهَا فِي طُهْرِهَا ذَلِكَ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا إذْ أَقَرَّ بِهَا وَالْحِيلَةُ فِيهِ إذَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَ الْمُشْتَرِي حُرَّةٌ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا وَلَوْ كَانَتْ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُزَوِّجَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا وَيَقْبِضَهَا أَوْ يَقْبِضَهَا، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ عِنْدَ وُجُودِ السَّبَبِ وَهُوَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ الْمُؤَكَّدِ بِالْقَبْضِ إذَا لَمْ يَكُنْ فَرْجُهَا حَلَالًا لَهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ، وَإِنْ حَلَّ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَوَانُ وُجُودِ السَّبَبِ كَمَا إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةَ الْغَيْرِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ (رَجُلٌ) اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً فَأَرَادَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ الِاسْتِبْرَاءُ مَا الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ الْخَصَّافُ: الْحِيلَةُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>