للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعْتَاقُهُ بَاطِلًا، وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى الْأَسْفَلُ وَلَاءَهُ مِنْ آخَرَ أَوْ وَهَبَهُ لَا يَكُونُ بَيْعًا، وَلَا هِبَةً لَكِنَّهُ يَكُونُ نَقْضًا لِلْوَلَاءِ الْأَوَّلِ وَمُوَالَاةً لِهَذَا الثَّانِي كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَنْتَقِلَ بِوَلَائِهِ إلَى غَيْرِهِ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ لَازِمٍ كَالْوَصِيَّةِ، وَإِنَّمَا يَنْقُضُ الْعَقْدَ بِحَضْرَتِهِ، وَكَذَا لِلْأَعْلَى أَنْ يَبْرَأَ مِنْ وَلَاءِ الْأَسْفَلِ إذَا كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ، وَإِنْ وَالَى الْأَسْفَلُ رَجُلًا آخَرَ كَانَ ذَلِكَ نَقْضًا لِلْعَقْدِ مَعَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ، وَإِذَا عَقَلَ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنْهُ بِوَلَائِهِ إلَى غَيْرِهِ، وَكَذَا لَا يَتَحَوَّلُ وَلَاءُ وَلَدِهِ بَعْدَ تَحَمُّلِ الْجِنَايَةِ عَنْ أَبِيهِ، وَكَذَا إذَا عَقَلَ عَنْ وَلَدِهِ لَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَحَوَّلَ؛ لِأَنَّ الْأَبَ مَعَ الِابْنِ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ فِي حُكْمِ الْوَلَاءِ كَذَا فِي الْكَافِي.

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ الْوَلَاءَ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ]

(الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ الْوَلَاءَ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ) إذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَعَاقِدِهِ عَقْدَ الْمُوَالَاةِ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ ابْنٌ مِنْ امْرَأَةٍ أَسْلَمَتْ عَلَى يَدِ الْآخَرِ وَوَالَتْهُ فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوْلَى الْأَبِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ أَسْلَمَتْ، وَوَالَتْهُ، وَهِيَ حُبْلَى ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ وَلَاءَ الْوَلَدِ لِمَوْلَى الْأَبِ، وَهَذَا بِخِلَافِ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ فَإِنَّهَا إذَا أَعْتَقَتْ، وَهِيَ حُبْلَى وَوَلَدَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ، وَلَاءَ الْوَلَدِ يَكُونُ لِمَوْلَى الْأُمِّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمَا أَوْلَادٌ صِغَارٌ وُلِدُوا قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ الْأَبُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالَاهُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالَتْهُ فَإِنَّ وَلَاءَ الْأَوْلَادِ لِمَوْلَى الْأَبِ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ: وَإِذَا أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ، وَلَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ وَوَالَتْهُ فَإِنَّ، وَلَاءَهَا وَوَلَاءَ وَلَدِهَا لِمَوْلَاهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا، وَلَاؤُهَا لِمَوْلَاهَا أَمَّا وَلَاءُ وَلَدِهَا لَيْسَ لِمَوْلَاهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالَاهُ، وَلَهُ ابْنٌ كَبِيرٌ فَأَسْلَمَ الِابْنُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ آخَرَ وَوَالَاهُ أَيْضًا فَوَلَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلَّذِي وَالَاهُ، وَإِنْ أَسْلَمَ الِابْنُ، وَلَمْ يُوَالِ أَحَدًا فَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ، وَلَا يَكُونُ مَوْلَى مُوَالَاةِ الْأَبِ، وَلَا يَكُونُ عَقْدُ الْأَبِ عَلَى نَفْسِهِ عَقْدًا عَلَى الِابْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

ذِمِّيٌّ أَسْلَمَ، وَلَمْ يُوَالِ أَحَدًا ثُمَّ أَسْلَمَ آخَرُ عَلَى يَدَيْهِ وَوَالَاهُ فَهُوَ مَوْلَاهُ، وَإِنْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ عَلَى يَدَيْ حَرْبِيٍّ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مَوْلَاهُ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالَاهُ ثُمَّ دَخَلَ أَبُوهُ بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالَاهُ فَإِنَّ وَلَاءَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلَّذِي وَالَاهُ، وَلَا يَجُرُّ الْأَبُ وَلَاءَ الْوَلَدِ إلَى نَفْسِهِ، وَإِذَا دَخَلَ حَرْبِيٌّ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ، وَأَسْلَمَ وَوَالَى رَجُلًا ثُمَّ أُسِرَ أَبُو هَذَا الْحَرْبِيِّ الَّذِي أَسْلَمَ وَعَتَقَ فَإِنَّهُ يَجُرُّ وَلَاءَ الْوَلَدِ إلَى نَفْسِهِ حَتَّى كَانَ وَلَاءُ الْوَلَدِ لِمُعْتَقِ الْأَبِ، وَإِذَا أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ وَوَالَاهُ هُنَاكَ أَوْ وَالَاهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ يَجُوزُ، فَإِنْ سُبِيَ ابْنُهُ وَأُعْتِقَ لَمْ يَجُرَّ وَلَاءَ الْأَبِ إلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ سُبِيَ أَبُوهُ وَأُعْتِقَ جَرَّ وَلَاءَ الِابْنِ إلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ إنَّ الذِّمِّيَّ نَقَضَ الْعَهْدَ، وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَأُخِذَ أَسِيرًا فَصَارَ عَبْدَ الرَّجُلِ، وَأَرَادَ مُعْتَقُهُ أَنْ يُوَالِيَ رَجُلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ أُعْتِقَ مَوْلَاهُ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ إنْ مَاتَ، وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً بَعْدَ ذَلِكَ عَقَلَ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُ مَوْلَاهُ هَكَذَا ذُكِرَ فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ قَالَ: يَرِثُهُ وَيَعْقِلُ عَنْهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَسْلَمَ رَجُلٌ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهِ وَوَالَاهُ لَمْ يَكُنْ مَوْلَاهُ وَلَكِنْ يُنْسَبُ إلَى عَشِيرَتِهِ وَأَصْلِهِ، وَهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْهُ، وَيَرِثُونَهُ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالَاهُ بَعْدَمَا وَالَى فِي كُفْرِهِ مُسْلِمًا كَانَ وَلَاؤُهُ لِلثَّانِي الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ وَوَالَاهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَكُونُ مَوْلًى لِلَّذِي وَالَاهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ مَوْلَى عَتَاقَةٍ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مِنْ فَوْقٍ أَوْ مِنْ تَحْتٍ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مَوْلًى لَهُ يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُهُ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ مَوْلَى مُوَالَاةٍ لِفُلَانٍ، وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ يَصِيرُ مَوْلًى مُوَالَاةٍ لِفُلَانٍ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُقِرِّ أَوْلَادٌ كِبَارٌ كَذَّبُوا الْأَبَ فِيمَا أَقَرَّ، وَقَالُوا أَبُونَا مَوْلَى فُلَانٍ آخَرَ فَالْأَبُ مُصَدَّقٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْأَوْلَادُ مُصَدَّقُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَادَ إذَا كَانُوا كِبَارًا فَالْأَبُ لَا يَمْلِكُ مُبَاشَرَةَ عَقْدِ الْوَلَاءِ عَلَيْهِمْ فَلَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَبِهِ فَارِقٌ مَا إذَا كَانَ الْأَوْلَادُ صِغَارًا؛ لِأَنَّ الْأَبَ يَمْلِكُ مُبَاشَرَةَ عَقْدِ الْوَلَاءِ عَلَيْهِمْ إذَا كَانُوا صِغَارًا فَيَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ عَلَيْهِمْ وَإِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>