للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْلِمٌ بَاعَ عَبْدَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ فَاسْتَحَقَّهُ نَصْرَانِيٌّ بِشَهَادَةِ نَصْرَانِيَّيْنِ لَا يَقْضِي لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَضَى لَرَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُسْلِمِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَصْرَانِيٍّ اشْتَرَى مِنْ مُسْلِمٍ عَبْدًا وَقَبَضَهُ وَبَاعَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ آخَرَ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا بَعْدَمَا قَبَضَهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ النَّصَارَى أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْمُسْلِمِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ الْمُشْتَرِي كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ النَّصْرَانِيِّ، وَإِنْ كَانَ بَائِعُهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ عَلَى بَائِعِهِ الْمُسْلِمِ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

قَالَ فِي الْمُنْتَقَى عَبْدٌ بَاعَهُ نَصْرَانِيٌّ مِنْ نَصْرَانِيٍّ، ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ نَصْرَانِيٍّ آخَرَ، ثُمَّ وَثُمَّ حَتَّى تَدَاوَلَتْهُ عَشْرُ أَيْدٍ مِنْ الْبَاعَةِ كُلُّهُمْ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، ثُمَّ ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودًا مِنْ النَّصَارَى قَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ سَوَاءٌ أَسْلَمَ أَوَّلُهُمْ، أَوْ آخِرُهُمْ، أَوْ أَوْسَطُهُمْ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْآخِرُ هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَسْلَمَ قُضِيَ بِعِتْقِهِ وَتَرَادُّوا الثَّمَنَ فِيمَا بَيْنَهُمْ حَتَّى يَنْتَهُوا إلَى الْمُسْلِمِ فَلَا يُؤْخَذُ بِرَدِّ الثَّمَنِ، وَلَا مَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْبَاعَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِعْتَاقِ، فَإِنْ كَانَ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ قَدْ أَعْتَقَهُ، وَقَدْ أَسْلَمَ الْأَوَّلُ وَالشُّهُودُ نَصَارَى لَا أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْأَوْسَطُ هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لَا عَلَى عِتْقِ الْأَوْسَطِ، وَلَا عَلَى عِتْقِ مَنْ بَعْدَهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى عِتْقِ مَنْ قَبْلَهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيُّ الْبَاعَةِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ مِنْ النَّصَارَى أَنَّهُ أَعْتَقَهُ الَّذِي قَبْلَ الْمُسْلِمِ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ سَوَاءٌ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَقُضِيَ بِعِتْقِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُسْلِمِ فَلَا تُقْبَلُ وَإِذَا أَقَامَ عَلَى غَيْرِهِ يُرَاجَعُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إلَى الْمُسْلِمِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى مَنْ قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُ وَيَتَرَادُّونَ الثَّمَنَ حَتَّى يَنْتَهُوا إلَى الَّذِي أَعْتَقَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ جَائِزَةٌ فِي كُلِّ حَقٍّ لَا يَسْقُطُ بِشُبْهَةٍ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ فَلَا تُقْبَلُ فِيمَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَفِي شَهَادَاتِ الْأَصْلِ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَنَّ قَاضِيَ كَذَا ضَرَبَ فُلَانًا حَدًّا فِي قَذْفٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَذَكَرَ فِي دِيَاتِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

أَمَّا التَّعْزِيرُ فَفِي الْأَجْنَاسِ مِنْ نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ فِي التَّعْزِيرِ لِشَهَادَةٍ عَلَى الشَّهَادَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَكَمَا تَجُوزُ فِي دَرَجَةٍ تَجُوزُ فِي دَرَجَاتٍ حَتَّى تَجُوزَ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَةِ الْفُرُوعِ، ثُمَّ وَثُمَّ صِيَانَةً لِحُقُوقِهِمْ عَنْ الْإِتْوَاءِ، كَذَا فِي الْكَافِي.

لَا تَجُوزُ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ أَقَلُّ مِنْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَكَذَا عَلَى شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ، وَهَذَا عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ

رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، أَوْ عَلَى شَهَادَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>