للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيِّنَةُ الْعَبْدِ وَرَجَعَ بِالْمَالِ عَلَى الْمَوْلَى عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَإِنْ مَعَ إقْرَارِ الْعَبْدِ بِالرِّقِّ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا قُلْنَا وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَوْلَى بِمَا أَخَذَ مِنْهُ الْمَالَ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى عِنْدَهُمَا فَالْمُنَاقَضَةُ فِي الدَّعْوَى لَا تَمْنَعُ قَبُولَ الْبَيِّنَةِ كَمَا فِي الْأَمَةِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ أَنْ لَا تُقْبَلَ لِأَنَّهُ مُنَاقِضٌ فِي الدَّعْوَى وَالْمُنَاقَضَةُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى وَالْبَيِّنَةُ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ لَا تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى عِنْدَهُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا لِفُلَانٍ وَأَعْتَقَهُ الْعَامَ الْأَوَّلَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَمْ تُقْبَلْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِذَا ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ فَصَالَحَهُ مَوْلَاهُ عَلَى مِائَةٍ يَدْفَعُهَا لِلْعَبْدِ عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ وَمَتَى أَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى عِتْقِهِ عَتَقَ وَالْأَمَةُ فِي هَذَا كَالْعَبْدِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَانِ ادَّعَيَا الْعِتْقَ عَلَى مَوْلَاهُمَا وَصَالَحَهُمَا الْمَوْلَى عَلَى مَالٍ يُعْطِيهِ إيَّاهُمَا لِيَكُفَّا عَنْ الدَّعْوَى فَهَذَا الصُّلْحُ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ إنْ ادَّعَيَا أُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ وَالتَّدْبِيرَ وَصَالَحَهُمَا الْمَوْلَى عَلَى مَالٍ يُعْطِيهِمَا لِيَكُفَّا عَنْ الدَّعْوَى، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ عَلَى مَوْلَاهُ إعْتَاقًا صَحِيحًا فَجَحَدَهُ فَصَالَحَ الْعَبْدُ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ أَمْضَى الْعِتْقَ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ وَجَدَ الْعَبْدُ بَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ رَجَعَ عَلَى مَوْلَاهُ بِمَا أَعْطَاهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

إذَا ادَّعَى الْمُكَاتَبُ عَلَى مَوْلَاهُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا فَصَالَحَهُ مَوْلَاهُ عَلَى أَنْ حَطَّ عَنْهُ النِّصْفَ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ وَادَّعَى النِّصْفَ فَهَذَا الصُّلْحُ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الصُّلْحِ فِي الْعَقَارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الصُّلْحِ فِي الْعَقَارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) إذَا ادَّعَى فِي يَدِ رَجُلٍ فَاصْطَلَحَا عَلَى بَيْتٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّارِ فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى بَيْتٍ مَعْلُومٍ مِنْ دَارٍ أُخْرَى لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى بَيْتٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّارِ الَّتِي فِيهَا الدَّعْوَى وَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَلْ يَقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى بَاقِي الدَّارِ فَفِيمَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى بَيْتٍ مَعْلُومٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا تُسْمَعُ وَهَكَذَا كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ بَاقِي الدَّارِ إلَيْهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَصَالَحَهُ عَلَى بَيْتٍ مَعْلُومٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ مِنْ دَارٍ لَهُ أُخْرَى جَازَ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى بَيْتٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّارِ الَّتِي فِيهَا الْحَقُّ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّ جَمِيعَ الدَّارِ لَهُ لِيَأْخُذَ الْبَاقِيَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ. وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا تُقْبَلُ وَيُقْضَى لَهُ بِجَمِيعِ الدَّارِ وَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ لَكِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ أَنَّ الدَّارَ لِلْمُدَّعِي صَحَّ إقْرَارُهُ وَيُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الدَّارِ إلَى الْمُدَّعِي، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

لَوْ ادَّعَى أَذْرُعًا مُسَمَّاةً مِنْ دَارِ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ جَازَ عِنْدَ الْكُلِّ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى نَصِيبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ دَارِ فِي يَدِ رَجُلٍ مُقِرٍّ بِذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَعْلَمُ نَصِيبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى نَصِيبًا مِنْ دَارٍ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ مِقْدَارَ النَّصِيبِ جَازَ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ مِقْدَارَ نَصِيبِ الْبَائِعِ أَوْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمَانِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَكَذَلِكَ الصُّلْحُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ الْبَيْعُ، كَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>