للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوَقَعَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ مَحَلُّ الصَّدَقَةِ فَدَفَعَ إلَيْهِ أَوْ سَأَلَ مِنْهُ فَدَفَعَ أَوْ رَآهُ فِي صَفِّ الْفُقَرَاءِ فَدَفَعَ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مَحَلُّ الصَّدَقَةِ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَظْهَرْ حَالُهُ عِنْدَهُ، وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ غَنِيٌّ أَوْ هَاشِمِيٌّ أَوْ كَافِرٌ أَوْ مَوْلَى الْهَاشِمِيِّ أَوْ الْوَالِدَانِ أَوْ الْمَوْلُودُونَ أَوْ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَتَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْ مُدَبَّرُهُ أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ أَوْ مُكَاتَبُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا الْمُسْتَسْعَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

وَإِذَا دَفَعَهَا، وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ أَنَّهُ مَصْرِفٌ أَمْ لَا فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مَصْرِفٍ، وَإِذَا دَفَعَهَا إلَيْهِ، وَهُوَ شَاكٌّ، وَلَمْ يَتَحَرَّ أَوْ تَحَرَّى، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَنَّهُ مَصْرِفٌ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَصْرِفٍ فَهُوَ عَلَى الْفَسَادِ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَصْرِفٌ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَيُكْرَهُ نَقْلُ الزَّكَاةِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ إلَّا أَنْ يَنْقُلَهَا الْإِنْسَانُ إلَى قَرَابَتِهِ أَوْ إلَى قَوْمٍ هُمْ أَحْوَجُ إلَيْهَا مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ، وَلَوْ نَقَلَ إلَى غَيْرِهِمْ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ نَقْلُ الزَّكَاةِ إذَا كَانَ الْإِخْرَاجُ فِي حِينِهَا بِأَنْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ أَمَّا إذَا كَانَ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ حِينِهَا فَلَا بَأْسَ بِالنَّقْلِ وَالْأَفْضَلُ فِي الزَّكَاةِ وَالْفِطْرِ وَالنَّذْرِ الصَّرْفُ أَوَّلًا إلَى الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ ثُمَّ إلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ إلَى الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ ثُمَّ إلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ إلَى الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ ثُمَّ إلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ ثُمَّ إلَى الْجِيرَانِ ثُمَّ إلَى أَهْلِ حِرْفَتِهِ ثُمَّ إلَى أَهْلِ مِصْرِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي الزَّكَاةِ مَكَانُ الْمَالِ حَتَّى لَوْ كَانَ هُوَ فِي بَلَدٍ، وَمَالُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ يُفَرَّقُ فِي مَوْضِعِ الْمَالِ، وَفِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ يُعْتَبَرُ مَكَانُهُ لَا مَكَانُ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَعَبِيدِهِ فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

وَأَمَّا أَخْذُ ظَلَمَةِ زَمَانِنَا مِنْ الصَّدَقَاتِ وَالْعُشُورِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِبَايَاتِ وَالْمُصَادَرَاتِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْقُطُ جَمِيعُ ذَلِكَ عَنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ إذَا نَوَوْا عِنْدَ الدَّفْعِ التَّصَدُّقَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ الزَّكَاةِ.

وَلَوْ قَضَى دَيْنَ الْفَقِيرِ بِزَكَاةِ مَالِهِ إنْ كَانَ بِأَمْرِهِ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَجُوزُ وَسَقَطَ الدَّيْنُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَارًا لِيَسْكُنَهَا عَنْ الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.

نَوَى الزَّكَاةَ بِمَا يَدْفَعُ لِصِبْيَانِ أَقْرِبَائِهِ أَوْ لِمَنْ يَأْتِيهِ بِالْبِشَارَةِ أَوْ يَأْتِي بِالْبَاكُورَةِ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ نَوَى الزَّكَاةَ بِمَا يَدْفَعُ الْمُعَلِّمُ إلَى الْخَلِيفَةِ، وَلَمْ يَسْتَأْجِرْهُ إنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ بِحَالٍ لَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ أَيْضًا أَجْزَأَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا مَا يَدْفَعُهُ إلَى الْخَدَمِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الْأَعْيَادِ وَغَيْرِهَا بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ إذَا دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى الْفَقِيرِ لَا يَتِمُّ الدَّفْعُ مَا لَمْ يَقْبِضْهَا أَوْ يُقْبِضُهَا لِلْفَقِيرِ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِ نَحْوَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ يَقْبِضَانِ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. أَوْ مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْ الْأَجَانِبِ الَّذِينَ يَعُولُونَهُ وَالْمُلْتَقِطُ يَقْبِضُ لِلَّقِيطِ. وَلَوْ دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى مَجْنُونٍ أَوْ صَغِيرٍ لَا يَعْقِلُ فَدَفَعَ إلَى أَبَوَيْهِ أَوْ وَصِيِّهِ قَالُوا لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ وَضَعَ عَلَى دُكَّانٍ ثُمَّ قَبَضَهَا فَقِيرٌ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ قَبَضَ الصَّغِيرُ، وَهُوَ مُرَاهِقٌ جَازَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ يَعْقِلُ الْقَبْضَ بِأَنْ كَانَ لَا يَرْمِي، وَلَا يُخْدَعُ عَنْهُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى فَقِيرٍ مَعْتُوهٍ جَازَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

[فَصْلٌ مَا يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ مِنْ الزَّكَاة]

(فَصْلٌ مَا يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ) . (الْأَوَّلُ) زَكَاةُ السَّوَائِمِ وَالْعُشُورِ، وَمَا أَخَذَهُ الْعَاشِرُ مِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَمُرُّونَ عَلَيْهِ، وَمَحَلُّهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَصَارِفِ.

(وَالثَّانِي) خُمُسُ الْغَنَائِمِ وَالْمَعَادِنِ وَالرِّكَازِ وَيُصْرَفُ الْيَوْمَ إلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ.

(وَالثَّالِثُ) الْخَرَاجُ وَالْجِزْيَةُ، وَمَا صُولِحَ عَلَيْهِ بَنُو نَجْرَانَ مِنْ الْحُلَلِ وَبَنُو تَغْلِبَ مِنْ الصَّدَقَةِ الْمُضَاعَفَةِ، وَمَا أَخَذَهُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِينَ وَتُجَّارِ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَتُصْرَفُ تِلْكَ إلَى عَطَايَا الْمُقَاتِلَةِ وَسَدِّ الثُّغُورِ وَبِنَاءِ الْحُصُونِ ثَمَّةَ، وَإِلَى مَرَاصِدِ الطَّرِيقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>