للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُطِعَ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.

وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ مَالِ الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ مِنْ عِنْدِنَا اسْتِحْسَانًا.

رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ أَغَار فِي عَسْكَرِ أَهْلِ الْبَغْيِ لَيْلًا فَسَرَقَ مِنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَالًا فَجَاءَ بِهِ إلَى الْإِمَامِ الْعَدْلِ قَالَ: لَا تَقْطَعْهُ؛ لِأَنَّ لِأَهْلِ الْعَدْلِ أَنْ يَأْخُذُوا مَالَ أَهْلِ الْبَغْيِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَيُمْسِكُوهُ إلَى أَنْ يَتُوبُوا، أَوْ يَمُوتُوا فَيُرَدَّ عَلَى وَرَثَتِهِمْ فَتَمَكَّنَتْ الشُّبْهَةُ فِي أَخْذِهِ بِهَذَا الطَّرِيقِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَغَار رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ فِي عَسْكَرِ أَهْلِ الْعَدْلِ لَمْ يُقْطَعْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْبَغْيِ يَسْتَحِلُّونَ أَمْوَالَ أَهْلِ الْعَدْلِ، وَتَأْوِيلُهُمْ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا فَإِذَا انْضَمَّ إلَيْهِ الْمَنَعَةُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ تَأْوِيلٍ صَحِيحٍ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ دَارِ الْعَدْلِ سَرَقَ مَالًا مِنْ آخَرَ، وَهُوَ مِمَّنْ يُشْهَدَ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ، وَيُسْتَحَلُّ مَالُهُ، وَدَمُهُ قَطَعْته؛ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ هَهُنَا تَجَرَّدَ عَنْ الْمَنَعَةِ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِالتَّأْوِيلِ بِدُونِ الْمَنَعَةِ، وَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ بِهِ فَكَذَلِكَ الْقَطْعُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ تَحْتَ حُكْمِ أَهْلِ الْعَدْلِ فَيَتَمَكَّنُ إمَامُ أَهْلِ الْعَدْلِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْقَطْعِ عَنْهُ بِخِلَافِ الَّذِي هُوَ فِي عَسْكَرِ أَهْلِ الْبَغْيِ فَإِنَّ يَدَ الْإِمَامِ الْعَدْلِ لَا تَصِلُ إلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْحِرْزِ وَالْأَخْذِ مِنْهُ]

ُ الْحِرْزُ عَلَى ضَرْبَيْنِ.

(حِرْزٌ لِمَعْنًى فِيهِ) كَالْبُيُوتِ، وَالدُّورِ، وَيُسَمَّى هَذَا حِرْزًا بِالْمَكَانِ، وَكَذَلِكَ الْفَسَاطِيطُ، وَالْحَوَانِيتُ، وَالْخِيَمُ كُلُّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَكُونُ حِرْزًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا حَافِظٌ سَوَاءٌ سَرَقَ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ مَفْتُوحُ الْبَابِ، أَوْ لَا بَابَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ يُقْصَدُ بِهِ الْإِحْرَازُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَطْعُ إلَّا بِالْإِخْرَاجِ بِخِلَافِ الْحِرْزِ بِالْحَافِظِ حَيْثُ يَجِبُ الْقَطْعُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ.

(وَحِرْزٌ بِالْحَافِظِ) كَمَنْ جَلَسَ فِي الطَّرِيقِ، أَوْ فِي الصَّحْرَاءِ، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، وَعِنْدَهُ مَتَاعُهُ فَهُوَ مُحْرَزٌ بِهِ هَذَا إذَا كَانَ الْحَافِظُ قَرِيبًا مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا بَعُدَ فَلَيْسَ بِحَافِظٍ، وَحَدُّ الْقُرْبِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَرَاهُ، وَيَحْفَظُهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحَافِظُ مُسْتَيْقِظًا، أَوْ نَائِمًا، وَالْمَتَاعُ تَحْتَهُ، أَوْ عِنْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

لَوْ جَمَعَ مَتَاعَهُ فِي الصَّحْرَاءِ، وَلَمْ يَنَمْ عَلَى مَتَاعِهِ، وَإِنَّمَا نَامَ عِنْدَهُ فَسُرِقَ مِنْهُ يُقْطَعُ إذَا نَامَ حَيْثُ يَرَاهُ، وَيَحْفَظُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ شَيْءٍ مُعْتَبَرٌ بِحِرْزِ مِثْلِهِ كَمَا إذَا سَرَقَ الدَّابَّةَ مِنْ الْإِصْطَبْلِ، أَوْ الشَّاةَ مِنْ الْحَظِيرَةِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَإِذَا سَرَقَ الدِّرْهَمَ، أَوْ الْحُلِيَّ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا يُقْطَعُ.

وَفِي الْكَرْخِيِّ مَا كَانَ حِرْزًا لِنَوْعٍ فَهُوَ حِرْزٌ لِكُلِّ نَوْعٍ حَتَّى جَعَلُوا شَرِيجَةَ الْبَقَّالِ، وَقَوَاصِرَ التَّمْرِ حِرْزًا لِلدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ، وَاللُّؤْلُؤِ قَالَ، وَهُوَ صَحِيحٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِي الْمُحْرَزِ بِالْمَكَانِ لَا يُعْتَبَرُ الْإِحْرَازُ بِالْحَافِظِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

إذَا سَرَقَ مِنْ الْحَمَّامِ لَيْلًا قُطِعَ، وَبِالنَّهَارِ لَا، وَأَمَّا مَا اعْتَادَهَا النَّاسُ مِنْ دُخُولِ الْحَمَّامِ بَعْضَ اللَّيْلِ فَهُوَ كَالنَّهَارِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.

وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ سَرَقَ ثَوْبًا مِنْ تَحْتِ رَجُلٍ فِي الْحَمَّامِ يُقْطَعُ كَمَا لَوْ سَرَقَ مِنْ الْمَسْجِدِ مَتَاعًا، وَصَاحِبُهُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يُقْطَعُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْكَافِي.

مَا كَانَ مُحْرَزًا بِالْبَيِّنَةِ فَأَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ فَسَرَقَ هَذَا الْمَأْذُونُ فِي الدُّخُولِ شَيْئًا لَمْ يُقْطَعْ، وَلَمْ يَكُنْ حِرْزًا فِي حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ حَافِظٌ، أَوْ كَانَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ نَائِمًا عَلَيْهِ، وَمَا كَانَ مِنْ هَذِهِ الْأَبْنِيَةِ يَدْخُلُ بِلَا إذْنٍ مَتَى شَاءَ، وَلَا يُمْنَعُ فَهَذَا، وَالْفِنَاءُ فِي الْبَرِيَّةِ وَاحِدٌ يَصِيرُ مُحْرَزًا بِحَافِظٍ، وَذَلِكَ كَالْمَسَاجِدِ، وَالطُّرُقِ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ.

إنْ شَقَّ الْحَمْلَ فَسَرَقَ مِنْهُ، أَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي صُنْدُوقٍ فَأَخَذَ الْمَالَ قُطِعَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَلَوْ سَرَقَ الْإِبِلَ مِنْ الطَّرِيقِ مَعَ حَمْلِهَا لَا يُقْطَعُ سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُهَا عَلَيْهَا، أَوْ لَا هَذَا مَالٌ ظَاهِرٌ غَيْرُ مُحْرَزٍ، وَكَذَا لَوْ سَرَقَ الْجُوَالِقَ بِعَيْنِهَا لَمْ يُقْطَعْ، وَلَوْ شَقَّ الْجُوَالِقَ فَأَخْرَجَ مَا فِيهَا إنْ كَانَ صَاحِبُهَا هُنَاكَ قُطِعَ، وَإِلَّا فَلَا. فَإِنْ كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>