للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحِفْظُ جَمِيعًا كَالْوَصِيِّ قَالَ: وَإِنْ اتَّهَمَ الْقَاضِي وَاحِدًا مِنْهُمْ يُرِيدُ بِهِ وَاحِدًا مِنْ الْأَوْصِيَاءِ فِيمَا ادَّعَى مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْيَتِيمِ أَوْ عَلَى الْوَقْفِ حَلَّفَهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَمِينًا كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ أَوْ رَدَّهَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إنَّمَا يُسْتَحْلَفُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْلَافَ يَصِحُّ عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَدَعْوَى الْمَجْهُولِ لَا تَصِحُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَحْلِفُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ نَظَرًا لِلْيَتِيمِ وَاحْتِيَاطًا لَهُ وَفِي مِثْلِهِ يُسْتَحْلَفُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ أَخْبَرُوا أَنَّهُمْ أَنْفَقُوا عَلَى الضَّيْعَةِ وَالْيَتِيمِ مِنْ أَمْوَالِ الْأَرَاضِيِ وَغَلَّاتِهَا كَذَا وَبَقِيَ فِي أَيْدِينَا هَذَا الْقَدْرُ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَعْرُوفًا بِالْأَمَانَةِ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ مِنْهُ الْإِجْمَالَ وَلَا يُجْبِرُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ.

وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُتَّهَمًا فَالْقَاضِي يُجْبِرُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ الْإِجْمَالَ وَلَيْسَ تَفْسِيرُ الْجَبْرِ هَهُنَا الْحَبْسَ وَإِنَّمَا تَفْسِيرُهُ أَنْ يُحْضِرَهُ الْقَاضِي الْمُقَلَّدُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً يُخَوِّفُهُ وَيُهَدِّدُهُ إنْ لَمْ يُفَسِّرْ احْتِيَاطًا فِي حَقِّ الْيَتِيمِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَمَعَ هَذَا لَمْ يُفَسِّرْ فَالْقَاضِي يَكْتَفِي مِنْهُ بِالْيَمِينِ وَبِنُكُولِهِ قَالَ: وَإِنْ قَالَ الْوَصِيُّ لِلْقَاضِي الْمُقَلَّدِ: إنَّ الْقَاضِيَ الْمَعْزُولَ حَاسَبَنِي فَالْقَاضِي الْمُقَلَّدُ لَا يَدَعُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ قَالَ الْوَصِيُّ أَوْ الْقَيِّمُ: أَنْفَقْت عَلَى الْيَتِيمِ، أَوْ قَالَ: عَلَى الْوَقْفِ كَذَا مِنْ مَالِي وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالْوَقْفِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِحُجَّةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الْإِنْفَاقَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ أَوْ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ حَيْثُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْمُحْتَمَلِ قَالَ: وَإِذَا ادَّعَى الْقَيِّمُ أَوْ الْوَصِيُّ أَنَّ الْقَاضِيَ الْمَعْزُولَ آجَرَنِي مُشَاهَرَةً فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا وَكَذَا أَوْ مُسَانَهَةً فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا وَكَذَا وَصَدَّقَهُ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فَالْقَاضِي الْمُقَلَّدُ لَا يُنَفِّذُ ذَلِكَ فَإِنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى فِعْلِ الْقَاضِي فِي حَالِ قَضَائِهِ قُبِلَتْ وَنَفَّذَ الْقَاضِي الْمُقَلَّدُ ذَلِكَ فَبَعْدَ هَذَا الْقَاضِي الْمُقَلَّدُ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِقْدَارَ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ أَوْ دُونِهِ أَنْفَذَ ذَلِكَ كُلَّهُ.

وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ أَنْفَذَ مِقْدَارَ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَأَبْطَلَ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ كَانَ الْقَيِّمُ قَدْ اسْتَوْفَى الزِّيَادَةَ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِالرَّدِّ عَلَى الْيَتِيمِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَمَا وَجَدَهُ الْقَاضِي فِي دِيوَانِ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ مِنْ شَهَادَةٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ إقْرَارٍ فَهُوَ بَاطِلٌ لَا يَعْمَلُ بِهِ الْقَاضِي الْمُقَلَّدُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَضَى بِهِ وَأَنْفَذَهُ وَهُوَ قَاضٍ يَوْمَئِذٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

[الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِيمَا إذَا وَقَعَ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي بِهِ]

ِ. الْكَلَامُ فِي هَذَا الْفَصْلِ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ وَفِيهِمَا اخْتِلَافٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ: قَضَاءُ الْقَاضِي فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا صُوَرُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْعُقُودِ كَثِيرَةٌ (مِنْ جُمْلَتِهَا) رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا وَهِيَ تَجْحَدُ، وَأَقَامَ عَلَيْهَا شَاهِدَيْ زُورٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا حَلَّ لِلرَّجُلِ وَطْؤُهَا وَحَلَّ لِلْمَرْأَةِ التَّمْكِينُ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>