للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَمِنَ لَهُ سَلَامَةَ نَصِيبِهِ وَإِذَا اقْتَسَمَا دَارًا أَوْ أَرْضًا نِصْفَيْنِ وَبَنَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي نَصِيبِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ لَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَلَوْ كَانَتْ دَارَانِ أَوْ أَرْضَانِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ دَارًا بِحَقِّهِ فَبَنَى أَحَدُهُمَا فِي دَارِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ قِيلَ: هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَرْجِعُ وَقِيلَ: هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِنْ اقْتَسَمَا جَارِيَتَيْنِ فَوَطِئَ أَحَدُهُمَا الْجَارِيَةَ الَّتِي أَخَذَهَا فَوَلَدَتْ لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَضَمِنَ قِيمَةَ الْوَلَدِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ قِسْمَةَ الْجَبْرِ عِنْدَهُ لَا تَجْرِي فِي الرَّقِيقِ فَتَكُونُ هَذِهِ الْقِسْمَةُ مُعَاوَضَةً بَيْنَهُمَا عَنْ اخْتِيَارٍ، فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَقِسْمَةُ الْجَبْرِ تَجْرِي فِي الرَّقِيقِ فَلَا يَتَحَقَّقُ مَعْنَى الْغُرُورِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ الْجَارِيَةِ الَّتِي فِي يَدِ شَرِيكِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا كَانَتْ دَارٌ وَاحِدَةٌ وَأَرْضٌ بَيْضَاءُ بَيْنَ وَرَثَةٍ فَاقْتَسَمُوا بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَبَنَى أَحَدُهُمَا فِي قَسْمِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ وَنَقَضَ بِنَاءَهُ وَرَدَّ الْقِسْمَةَ لَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ، كَذَا ذَكَرَ فِي بَعْضِ نُسَخِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اقْتَسَمُوا الدَّارَ عَلَى حِدَةٍ وَالْأَرْضَ عَلَى حِدَةٍ فَتَكُونُ هَذِهِ قِسْمَةٌ يُوجِبُهَا الْحُكْمُ، وَذَكَرَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اقْتَسَمَا وَأَخَذَ أَحَدُهُمَا الدَّارَ وَأَخَذَ الْآخَرُ الْأَرْضَ فَتَكُونُ هَذِهِ قِسْمَةٌ لَا يُوجِبُهَا الْحُكْمُ، وَإِذَا كَانَتْ الدُّورُ بَيْنَ قَوْمٍ قَسَمَهَا الْقَاضِي بَيْنَهُمْ وَجَمَعَ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي دَارٍ عَلَى حِدَةٍ وَأَجْبَرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَبَنَى أَحَدُهُمْ فِي الدَّارِ الَّتِي أَصَابَتْهُ بِنَاءً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ هَذِهِ الدَّارُ وَهَدَمَ بِنَاءَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى شُرَكَائِهِ بِالْقِيمَةِ، أَمَّا عِنْدَهُمَا؛ فَلِأَنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ يُوجِبُهَا الْحُكْمُ عِنْدَهُمَا مَتَى رَأَى الْقَاضِي الصَّلَاحَ فِيهَا، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ فَلِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمَّا قَسَمَهَا قِسْمَةَ جَمْعٍ فَقَدْ حَصَلَ قَضَاؤُهُ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ فَالْتُحِقَتْ الدُّورُ بِالدَّارِ الْوَاحِدَةِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ

دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ جَاءَ رَجُلٌ إلَى أَحَدِهِمَا وَقَالَ: وَكَّلَنِي شَرِيكُك حَتَّى أُقَاسِمَك فَلَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ فَقَاسَمَهُ حَتَّى بَنَى الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ ثُمَّ جَاءَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ وَكَّلَهُ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْبِنَاءِ عَلَى الْوَكِيلِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْقِسْمَةِ يُسْتَحَقُّ مِنْهَا شَيْءٌ]

(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْقِسْمَةِ يُسْتَحَقُّ مِنْهَا شَيْءٌ) قَالَ فِي الْأَصْلِ: إذَا وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ مِنْهَا فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: (الْأَوَّلُ) أَنْ يُسْتَحَقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ الْكُلِّ بِأَنْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ كُلِّ الدَّارِ أَوْ ثُلُثُ الدَّارِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ. (الْوَجْهُ الثَّانِي) إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ بِعَيْنِهِ مِمَّا أَصَابَ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْقِسْمَةُ صَحِيحَةٌ فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ إلَّا أَنَّ لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ الْخِيَارَ لِأَنَّهُ تَعَيَّبَ نَصِيبُهُ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ فَإِنْ نَقَضَ الْقِسْمَةَ عَادَ الْأَمْرُ إلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَتُسْتَأْنَفُ الْقِسْمَةُ فِيمَا وَرَاءَ الْمُسْتَحَقِّ وَإِنْ أَجَازَ الْقِسْمَةَ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِعِوَضِ الْمُسْتَحَقِّ وَذَلِكَ رُبْعُ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ مَثَلًا إنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ نِصْفَ نَصِيبِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ. (الْوَجْهُ الثَّالِثُ) إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِمَّا أَصَابَ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا تَفْسُدُ الْقِسْمَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَكُونُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا فَإِنْ أَجَازَ الْقِسْمَةَ وَكَانَ الْمُسْتَحَقُّ نِصْفَ نَصِيبِهِ مَثَلًا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبْعِ مَا فِي يَدِهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ وَتُسْتَأْنَفُ الْقِسْمَةُ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُضْطَرِبٌ ذَكَرَ فِي نُسَخِ أَبِي حَفْصٍ قَوْلَهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ فِي نُسَخِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَوْلَهُ مَعَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَكَذَا أَثْبَتَهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فَقَدْ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ وَابْنُ رُسْتُمَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ مَا أَصَابَهُ بِالْقِسْمَةِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مَا بَقِيَ لَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبْعِ مَا فِي يَدِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُخَيَّرُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْبَيْعِ حَيْثُ يُخَيَّرُ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْبَيْعِ قَادِرٌ عَلَى رَدِّ مَا بَقِيَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>