للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ فِي تَعْيِينِ الْمُشْتَرَى بِشَرْطِ الْخِيَارِ عِنْدَ الرَّدِّ]

ِّ وَفِي جِنَايَةِ الْمَبِيعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ جَاءَ لِيَرُدَّ عَلَى الْبَائِعِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ هَذَا هُوَ الَّذِي بِعْتُكَهُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: هُوَ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ السِّلْعَةُ غَيْرَ مَقْبُوضَةٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي إجَازَةَ الْعَقْدِ فِي عَيْنٍ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَقَالَ الْبَائِعُ: مَا بِعْتُك هَذَا، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا بَلْ بِعْتنِي هَذَا لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكِتَابِ، وَقَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ. هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ مَقْبُوضَةً فَجَاءَ الْمُشْتَرِي بِسِلْعَةٍ لِيَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ هَذَا هُوَ الَّذِي بِعْتُك وَقَبَضْتَهُ مِنِّي، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: الَّذِي بِعْتَنِي أَوْ أَقْبَضْتَنِي هَذَا، فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ غَيْرَ مَقْبُوضَةٍ فَأَرَادَ الْبَائِعُ إلْزَامَ الْبَيْعَ فِي عَيْنٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: مَا اشْتَرَيْتُ هَذَا ذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. .

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلٌ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ فِيهِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَتَلَ الْعَبْدُ قَتِيلًا خَطَأً فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَعَلِمَ الْمَوْلَى ذَلِكَ فَأَجَازَ الْبَيْعَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْجِنَايَةِ لَمْ يَصِرْ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَصَحَّتْ الْإِجَازَةُ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ تَعَيَّبَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ فَإِنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي أَخْذَهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، وَإِنْ اخْتَارَ نَقْضَ الْبَيْعِ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ.

هَذَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَالْبَائِعُ عَلَى خِيَارِهِ فَإِنْ أَجَازَ جَازَ وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي وَقْتَ الْعَقْدِ ثُمَّ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَجَنَى الْعَبْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْعَيْبِ وَيَبْقَى خِيَارُ الشَّرْطِ أَيْضًا، فَإِنْ اخْتَارَ الْأَخْذَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ وَإِنْ اخْتَارَ النَّقْضَ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ، وَلَوْ جَنَى فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَحِينَئِذٍ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لِزَوَالِ الْعَيْبِ، وَلَوْ لَمْ يَفْدِ وَاخْتَارَ الدَّفْعَ سَقَطَ خِيَارُ الشَّرْطِ وَتَقَرَّرَ الْعَبْدُ عَلَى مِلْكِهِ عِنْدَ الْإِقْدَامِ عَلَى الدَّفْعِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ.

رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا فَوُجِدَ فِي الدَّارِ قَتِيلٌ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِ الْيَدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا وَعَلَى عَاقِلَةِ مَنْ تَصِيرُ الدَّارُ لَهُ بِالْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ إنْ كَانَ فِيهِ الْخِيَارُ، ثُمَّ عِنْدَهُمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا وَالدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حَتَّى وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي، لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هَلْ يَتَخَيَّرُ؟ وَيَجِبُ أَنْ لَا يُخَيَّرَ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْقَتِيلِ فِي الدَّارِ لَيْسَ بِعَيْبٍ حَلَّ بِالدَّارِ لَا حَقِيقَةً وَلَا اعْتِبَارًا فَإِنَّ الدَّارَ لَا تَصِيرُ مُسْتَحَقَّةً بِضَمَانِ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .

[الْبَابُ السَّابِعُ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ]

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَأَحْكَامِهِ]

شِرَاءُ مَا لَمْ يَرَهُ جَائِزٌ كَذَا فِي الْحَاوِي وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ: بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الثَّوْبَ الَّذِي فِي كُمِّي هَذَا وَصِفَتُهُ كَذَا وَالدُّرَّةَ الَّتِي فِي كَفِّي هَذِهِ وَصِفَتُهَا كَذَا أَوْ لَمْ يَذْكُرْ الصِّفَةَ، أَوْ يَقُولَ: بِعْت مِنْك هَذِهِ الْجَارِيَةَ الْمُنْتَقِبَةَ. وَأَمَّا إذَا قَالَ: بِعْتُ مِنْك مَا فِي كُمِّي هَذَا أَوْ مَا فِي كَفِّي هَذِهِ مِنْ شَيْءٍ هَلْ يَجُوزُ هَذَا الْبَيْعُ؟ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا: إطْلَاقُ الْجَوَابِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ سَوَاءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>