للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي دَعْوَى النَّسَبِ وَفِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَصْلًا] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مَرَاتِبِ النَّسَبِ وَأَحْكَامِهَا وَبَيَانِ أَنْوَاعِ الدَّعْوَةِ]

وَلِثُبُوتِ النَّسَبِ مَرَاتِبُ ثَلَاثٌ: (أَحَدُهَا) بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى وَلَا يَنْتَفِي بِمُجَرَّدِ النَّفْيِ وَإِنَّمَا يَنْتَفِي بِاللِّعَانِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ مَا لَمْ يُقِرَّ بِنَسَبِهِ صَرِيحًا، أَوْ يَظْهَرَ مِنْهُ مَا يَكُونُ اعْتِرَافًا مِنْ قَبُولِ تَهْنِئَةٍ، أَوْ شِرَاءِ مَتَاعِ الْوِلَادَةِ، أَوْ تَطَاوُلِ الْمُدَّةِ مَعَ الْعِلْمِ بِالْوِلَادَةِ، أَوْ يَقَعُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ نَفْيِهِ، أَوْ يَقَعُ فِيهِ حُكْمٌ لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ وَالْإِبْطَالَ مَتَى وُجِدَ، كَمَا إذَا جَنَى هَذَا الْوَلَدُ جِنَايَةً وَقَضَى الْقَاضِي عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ بِالْأَرْشِ لَا يَسْتَطِيعُ نَفْيَ هَذَا الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِيهِ حُكْمٌ لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ وَالْبُطْلَانَ وَالْمَرْجِعُ فِي مَعْرِفَةِ تَطَاوُلِ الْمُدَّةِ الْعُرْفُ وَالْعَادَة فَإِذَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ مَا يَنْفِي فِيهَا الْوَلَدَ عَادَةً، وَلَمْ يَنْفِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذِهِ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَوَى عَنْهُ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ يُفَوِّضُ ذَلِكَ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُمَا قَدَّرَا الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ بِالْأَرْبَعِينَ فَبَعْدَ الْأَرْبَعِينَ لَا يَصِحُّ النَّفْيُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. .

إذَا نَفَى الرَّجُلُ وَلَدَ امْرَأَتِهِ بَعْدَمَا مَاتَ، أَوْ كَانَ حَيًّا فَمَاتَ قَبْلَ اللِّعَانِ فَهُوَ ابْنُهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْفِيَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قُتِلَ الْوَلَدُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ جَاءَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ فَنَفَاهُ، وَلَمْ يُلَاعِنْهَا حَتَّى قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ بِالْوَلَدِ فَحُدَّ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَا تَلَاعُنَ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

(الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ) أُمُّ الْوَلَدِ وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّ نَسَبَ وَلَدِهَا يَثْبُتُ بِدُونِ الدَّعْوَى إذَا كَانَتْ بِحَالٍ يَحِلُّ لِلْمَوْلَى وَطْؤُهَا أَمَّا إذَا كَانَتْ بِحَالٍ لَا يَحِلُّ لِلْمَوْلَى فِيهَا وَطْؤُهَا لَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا بِدُونِ الدَّعْوَى أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهَا الْمَوْلَى ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْمَوْلَى بِدُونِ الدَّعْوَى وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَنْفِيَهُ إذَا لَمْ تَتَطَاوَلْ الْمُدَّةُ مَعَ الْعِلْمِ بِالْوِلَادَةِ، وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ صَرِيحًا، وَلَمْ يَقَعْ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ نَفْيِهِ، وَلَمْ يَقَعْ فِيهِ حُكْمٌ لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ وَالْإِبْطَالَ؟ ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ

أَمَةٌ لِرَجُلٍ وَلَدَتْ فَلَمْ يَنْفِهِ حَتَّى مَاتَ الْوَلَدُ فَهُوَ لَازِمٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْفِيَهُ، وَتَأْوِيلُ هَذَا الْمَسْأَلَةِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ، وَكَذَلِكَ إنْ جَنَى جِنَايَةً فَقَضَى الْقَاضِي بِهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ لَمْ يَسْتَطِعْ نَفْيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَنَى عَلَيْهِ فَحُكِمَ فِيهِ بِقِصَاصٍ، أَوْ أَرْشٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَمْ يَذْكُرْ فِي أُمِّ الْوَلَدِ مَا إذَا قَبِلَ التَّهْنِئَةَ، وَلَا شَكَّ أَنْ يَكُونَ إقْرَارًا فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ لَوْ هُنِّئَ الْمَوْلَى بِوَلَدِ الْأَمَةِ فَسَكَتَ يَكُونُ إقْرَارًا بِقَبُولِ التَّهْنِئَةِ إذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ مِنْ رَجُلٍ وَمَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا، أَوْ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ انْقَضَتْ فَهُوَ ابْنُ الْمَوْلَى وَلَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ أَحَدُ الْأَسْبَابِ الَّتِي ذَكَرْنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ كَانَ حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا يَلْزَمُهُ وَلَدُهَا مَا لَمْ يَنْفِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أُمَّ وَلَدٍ قَبِلَتْ ابْنَ سَيِّدِهَا فَأَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَنْ تَجِيءَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ حَرُمَتْ عَلَى سَيِّدِهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

لَوْ كَانَتْ أُمُّ وَلَدِ الْمُسْلِمِ مَجُوسِيَّةً، أَوْ مُرْتَدَّةً لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَدُهَا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ، أَوْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ الرِّدَّةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ حَرُمَتْ بِالْحَيْضِ، أَوْ بِالنِّفَاسِ، أَوْ الْإِحْرَامِ، أَوْ الصَّوْمِ فَإِنَّ نَسَبَ وَلَدِهَا يَثْبُتُ مِنْهُ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا الْمَوْلَى ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَالْوَلَدُ مِنْ الزَّوْجِ، وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى لَمْ تُثْبِتْ نَسَبَهُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا وَدَخَلَ بِهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي.

أُمُّ الْوَلَدِ الْجَارِيَةُ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا الرَّجُلُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا بِمِلْكِ النِّكَاحِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ مَلَكَهَا بِسَبَبٍ آخَرَ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا بِالشُّبْهَةِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ مَلَكَهَا بِسَبَبٍ آخَرَ.

وَإِذَا أَسْقَطَتْ أَمَةُ الرَّجُلِ سَقْطًا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>