للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْفَارِسِيَّةِ (باخسه) وَاسْتَأْجَرَ الْأَجِيرَ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَكَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الدَّارِ، ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الدَّارِ يَسْتَرِدُّ الدَّارَ مِنْهُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْحَائِطَ؟ إنْ كَانَ قَدْ بَنَاهُ مِنْ تُرَابِ صَاحِبِ الدَّارِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: ابْنِ فِي أَرْضِي هَذِهِ لِنَفْسِكَ عَلَى أَنْ أَتْرُكَهَا فِي يَدِكَ أَبَدًا، أَوْ قَالَ: إلَى وَقْتِ كَذَا، فَإِنْ لَمْ أَتْرُكْهَا فَأَنَا ضَامِنٌ لَكَ مَا تُنْفِقُ فِي بِنَائِكَ وَيَكُونُ الْبِنَاءُ لِي، فَإِذَا أَخْرَجَهُ مِنْ الْأَرْضِ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَيَكُونُ جَمِيعُ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

(١) اسْتَعَارَ أَرْضًا لِيَبْنِيَ وَيَسْكُنَ، وَإِذَا خَرَجَ فَالْبِنَاءُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِهَا مِقْدَارُ السُّكْنَى وَالْبِنَاءُ لِلْمُسْتَعِيرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِذَا طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ فَمَنَعَهَا الْمُسْتَعِيرُ عَنْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهَا وَلَكِنْ قَالَ لِصَاحِبِهَا: دَعْهَا عِنْدِي إلَى غَدٍ ثُمَّ أَرُدُّهَا عَلَيْكَ فَرَضِيَ بِذَلِكَ ثُمَّ ضَاعَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

طَلَبَهَا فَقَالَ: نَعَمْ أَدْفَعُ وَمَضَى شَهْرٌ حَتَّى هَلَكَتْ إنْ كَانَ عَاجِزًا وَقْتَ الطَّلَبِ عَنْ الرَّدِّ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ قَادِرًا: إنْ صَرَّحَ الْمُعِيرُ بِالْكَرَاهَةِ وَالسَّخَطِ فِي الْإِمْسَاكِ وَأَمْسَكَ يَضْمَنُ، وَكَذَا إنْ سَكَتَ، وَإِنْ صَرَّحَ بِالرِّضَا، قَالَ: لَا بَأْسَ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ، وَهُوَ لَمْ يَرُدَّهَا حَتَّى ضَاعَتْ: إنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ قَيَّدَهَا بِوَقْتٍ وَمَضَى الْوَقْتُ وَلَمْ يَرُدَّهَا ضَمِنَ. اسْتَعَارَ كِتَابًا فَضَاعَ فَجَاءَ مَالِكُهُ فَلَمْ يُخْبِرْهُ بِالضَّيَاعِ وَوَعَدَهُ بِالرَّدِّ ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِالضَّيَاعِ إنْ لَمْ يَكُنْ آيِسًا مِنْ وُجُودِهِ لَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ آيِسًا مِنْ وُجُودِهِ يَضْمَنُ، وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: هَذَا التَّفْصِيلُ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّهُ إذَا وَعَدَهُ الرَّدَّ ثُمَّ ادَّعَى الضَّيَاعَ يَضْمَنُ لِلتَّنَاقُضِ إذَا كَانَ دَعْوَى الضَّيَاعِ قَبْلَ الْوَعْدِ وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ

رَجُلٌ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ أَمَةً لِتُرْضِعَ ابْنًا لَهُ فَلَمَّا صَارَ الصَّبِيُّ لَا يَأْخُذُ إلَّا مِنْهَا، قَالَ لَهُ الْمُعِيرُ: اُرْدُدْ عَلَيَّ أَمَتِي، لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ أَمَتِهِ إلَى أَنْ يُفْطَمَ الصَّبِيُّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَإِذَا اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ زِقَاقًا وَجَعَلَ فِيهَا زَيْتًا فَأَخَذَهُ فِي الصَّحْرَاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الزِّقَاقَ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهَا إلَى مَوْضِعٍ يَجِدُ فِيهِ زِقَاقًا فَيُحَوِّلُ زَيْتَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ فَرَسًا لِيَغْزُوَ عَلَيْهِ فَأَعَارَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ لَقِيَهُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَأَرَادَ أَخْذَهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَقِيَهُ فِي بِلَادِ الشِّرْكِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكِرَاءِ وَالشِّرَاءِ كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ لَا يَدْفَعَهُ إلَيْهِ وَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ أَجْرُ مِثْلِ الْفَرَسِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي طَلَبَ صَاحِبُهُ إلَى أَدْنَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِدُ فِيهِ الرُّكُوبَ بِكِرَاءٍ أَوْ شِرَاءِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ فِي هَذَا الْبَابِ وَالشَّهَادَةِ فِيهِ]

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ فِي هَذَا الْبَابِ وَالشَّهَادَةِ فِيهِ) . قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى حَمَّامِ أَعْيَنَ فَجَاوَزَ بِهَا حَمَّامَ أَعْيَنَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى حَمَّامِ أَعْيَنَ أَوْ إلَى الْكُوفَةِ وَالدَّابَّةُ عَلَى حَالِهَا ثُمَّ عَطِبَتْ الدَّابَّةُ، فَقَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ: قَدْ خَالَفْتَ وَلَمْ تَرُدَّهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَذِنْتُ لَكَ، فَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ: قَدْ خَالَفْتُ فِيهِمَا ثُمَّ رَجَعْتُ بِهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَذِنْتَ لِي، فَلَا ضَمَانَ عَلَيَّ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ وَالْمُسْتَعِيرُ ضَامِنٌ، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَدْ رَدَّهَا إلَى الْكُوفَةِ أَوْ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَهَا إلَيْهِ ثُمَّ نَفَقَتْ بَعْدَمَا رَدَّهَا، قَالَ: هُوَ ضَامِنٌ لَهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَى صَاحِبِهَا، وَتَأْوِيلُهُ أَنَّهُ اسْتَعَارَهُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ ذَاهِبًا لَا جَائِيًا وَمَتَى كَانَ كَذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا، فَأَمَّا إذَا كَانَ ذَاهِبًا وَجَائِيًا فَإِنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ، وَالْعَقْدُ قَائِمٌ فَيَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ أَقَامَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا عَطِبَتْ تَحْتَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَجَاوَزَ وَتَعَدَّى فِيهِ وَأَقَامَ الْمُسْتَعِيرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّهَا إلَى يَدِ صَاحِبِهَا أُخِذَ بِبَيِّنَةِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

إذَا نَفَقَتْ الدَّابَّةُ تَحْتَ الْمُسْتَعِيرِ ثُمَّ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَابَّتُهُ يَقْضِي الْقَاضِي لَهُ بِالْمِلْكِ، وَلَا يَسْأَلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْ وَلَمْ يَهَبْ، فَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يُضَمِّنَهُ، أَوْ قَالَ: أَذِنَ لِي فِي عَارِيَّتِهَا يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ نَكَلَ كَانَ نُكُولُهُ كَإِقْرَارِهِ فَلَا يُضَمِّنُ الْمُسْتَحِقُّ أَحَدًا، وَإِنْ حَلَفَ كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ، فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>