للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا أَخْرَجَهَا، فَهُوَ ضَامِنٌ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، وَالْقَاضِي الْإِمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إنْ سَاقَهَا بَعْدَمَا أَخْرَجَهَا إلَى مَوْضِعٍ يَأْمَنُ عَلَى زَرْعِهِ مِنْهَا، فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ ضَامِنٌ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْفَضْلِيُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ سَاقَهَا لِيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا، فَعَطِبَتْ فِي الطَّرِيقِ أَوْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهَا كَانَ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

الرَّاعِي إذَا وَجَدَ فِي سَرْحِهِ بَقَرَةً أَجْنَبِيَّةً، فَطَرَدَهَا قَدْرَ مَا تَخْرُجُ مِنْ سَرْحِهِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

زَارِعٌ سَأَلَ الْغَنَمَ مِنْ الرَّاعِي الْخَاصِّ أَوْ الْمُشْتَرَكِ لِيُبَيِّتَهَا فِي ضَيْعَتِهِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ، فَفَعَلَ، وَبَيَّتَهَا فِيهَا وَنَامَ، وَنَفَشَتْ الْغَنَمُ فِي زَرْعِ جَارِهِ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

إذَا وَجَدَ فِي كَرْمِهِ أَوْ زَرْعِهِ دَابَّةَ رَجُلٍ، وَقَدْ أَفْسَدَتْ شَيْئًا، فَحَبَسَهَا صَاحِبُ الْكَرْمِ أَوْ الزَّرْعِ، فَهَلَكَتْ ضَمِنَ صَاحِبُ الْكَرْمِ أَوْ الزَّرْعِ قِيمَتَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .

إذَا أَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِي دَارِ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَأَخْرَجَهَا صَاحِبُ الدَّارِ، فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ، وَضَعَ ثَوْبًا فِي بَيْتِ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَرَمَى بِهِ صَاحِبُ الْبَيْتِ، وَكَانَ ذَلِكَ حَالَ غَيْبَةِ الْمَالِكِ ضَمِنَ قِيمَةَ الثَّوْبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

رَجُلٌ يَسُوقُ حِمَارًا لِحَطَبٍ فِي الطَّرِيقِ، وَقَالَ: (كوست كوست) وَقُدَّامَهُ رَجُلٌ لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ حَتَّى أَصَابَ ثَوْبَهُ، فَتَخَرَّقَ ضَمِنَ السَّائِقُ، وَكَذَا لَوْ سَمِعَ صَوْتَهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ التَّنَحِّي لِضِيقِ الْمُدَّةِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْأَصَمِّ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّنَحِّي، فَلَمْ يَتَنَحَّ بَعْدَمَا سَمِعَ لَا يَضْمَنُ السَّائِقُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيّ إذَا قَطَعَ الرَّجُلُ يَدَ دَابَّةِ إنْسَانٍ أَوْ رِجْلَهَا إنْ كَانَتْ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا، فَعَلَى الْجَانِي قِيمَتُهَا، وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُمْسِكَ الدَّابَّةَ، وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةَ اللَّحْمِ كَالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَالْبَقَرِ، فَكَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَمَنْ فَتَحَ بَابَ قَفَصٍ، فَطَارَ الطَّيْرُ أَوْ بَابِ إصْطَبْلٍ، فَخَرَجَتْ الدَّابَّةُ، وَضَلَّتْ لَا يَضْمَنُ الْفَاتِحُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَضْمَنُ كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي الْمُنْتَقَى أَنَّ مَا يَحْمِلُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَفِي عَيْنِهِ رُبْعُ قِيمَتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي عَيْنِ الْبِرْذَوْنِ، وَالْإِبِلِ، وَالْحِمَارِ، وَالْبَغْلِ رُبْعُ الْقِيمَةِ، وَكَذَا فِي عَيْنِ بَقَرَةِ الْجَزَّارِ، وَجَزُورِ الْجَزَّارِ، وَكَذَا فِي عَيْنِ الْفَصِيلِ، وَالْجَحْشِ، وَفِي إحْدَى عَيْنَيْ الشَّاةِ، وَالْجَمَلِ، وَالطَّيْرِ، وَالْكَلْبِ، وَالسِّنَّوْرِ مَا انْتَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عَلَيْهِ النُّقْصَانُ فِي جَمِيعِ الْبَهَائِمِ كَذَا فِي، فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي جِنَايَةِ الْمَمَالِيكِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ]

[الْفَصْل الْأَوَّل فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَمَا يَصِير بِهِ الْمَوْلَى مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ]

(الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي جِنَايَةِ الْمَمَالِيكِ) ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ، وَمَا يَصِيرُ بِهِ الْمَوْلَى مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: إذَا جَنَى الْعَبْدُ عَلَى آدَمِيٍّ جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْمَالِ، فَإِنَّ مَوْلَاهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَهُ بِهَا، وَإِنْ شَاءَ، فَدَاهُ بِالْأَرْشِ هَذَا مَذْهَبُنَا إلَّا أَنَّ الْمُوجِبَ الْأَصْلِيَّ الدَّفْعُ، وَلَهُ التَّخْلِيصُ عَنْ ذَلِكَ بِالْفِدَاءِ بِالْأَرْشِ، وَأَيَّ ذَلِكَ اخْتَارَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ حَالَّا، وَلَا يَكُونُ مُؤَجَّلًا، وَلَا يَقْضِي بِشَيْءٍ حَتَّى يَبْرَأَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، وَخَطَأُ الْعَبْدِ، وَعَمْدُهُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَلَى السَّوَاءِ يُوجِبُ الْمَالَ فِي الْحَالَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ بَطَلَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنَّ مَوْلَاهُ قَتَلَهُ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْأَرْشِ، فَإِنْ لَمْ يَقْتُلْهُ مَوْلَاهُ، وَلَكِنْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ إنْ كَانَ عَمْدًا بَطَلَتْ الْجِنَايَةُ، وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَقْتَصَّ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً يَأْخُذُ الْقِيمَةَ، ثُمَّ يَدْفَعُ تِلْكَ الْقِيمَةَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ، وَلَا يُخَيَّرُ الْمَالِكُ حَتَّى لَوْ تَصَرَّفَ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ لَا يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْأَرْشِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَمَا اخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ لَمْ يَبْرَأْ بِمَوْتِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً خَطَأً، وَاخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي بِهِ الْفِدَاءَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: اخْتِيَارُ الْفِدَاءِ مَاضٍ عَلَى حَالِهِ، وَلَا يَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ أَنْ يَنْقُضُوا الِاخْتِيَارَ، وَيُعِيدُوا حَقَّهُمْ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا لَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِدِيَتِهِمْ حَتَّى يَبِيعَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ، وَيَقْضِيَ الدِّيَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>