للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْرَهَا إلَيَّ عَلَى صَدَاقِ كَذَا فَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ كُفْئًا لَهَا هَكَذَا.

ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حِيلَةٍ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْخَصَّافُ اكْتَفَى بِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ التَّعْرِيفِ لِجَوَازِ النِّكَاحِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا كَانُوا يَقُولُونَ هَذَا رَأْيُ الْخَصَّافِ.

وَفِي جَوَازِ هَذَا النِّكَاحِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ مَعْرِفَةً وَفِي بَابِ النِّكَاحِ يُسْتَقْصَى فِي التَّعْرِيفِ غَايَةَ الِاسْتِقْصَاءِ وَهَكَذَا حُكِيَ عَنْ مَشَايِخِ بَلْخٍ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ الْخَصَّافَ كَبِيرٌ فِي الْعِلْمِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَسُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَخَوَيْنِ تَزَوَّجَا أُخْتَيْنِ فَزُفَّتْ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا امْرَأَةُ أَخِيهِ فَلَمْ يَعْلَمُوا بِذَلِكَ حَتَّى أَصْبَحُوا فَذُكِرَ ذَلِكَ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ: لِيُطَلِّقْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً، ثُمَّ يَتَزَوَّجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمَرْأَةَ الَّتِي دَخَلَ بِهَا وَفِي مَنَاقِبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذُكِرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حِكَايَةٌ أَنَّهَا وَقَعَتْ لِبَعْضِ الْأَشْرَافِ بِالْكُوفَةِ، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ الْعُلَمَاءَ لِوَلِيمَةٍ وَفِيهِمْ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَانَ فِي عِدَادِ الشُّبَّانِ يَوْمَئِذٍ فَكَانُوا جَالِسِينَ عَلَى الْمَائِدَةِ إذْ سَمِعُوا وَلْوَلَةَ النِّسَاءِ فَقِيلَ: مَاذَا أَصَابَهُنَّ فَذَكَرُوا أَنَّهُمْ غَلِطُوا فَأَدْخَلُوا امْرَأَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَدَخَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِاَلَّتِي أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ وَقَالُوا: إنَّ الْعُلَمَاءَ عَلَى مَائِدَتِكُمْ فَسَلُوهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَسَأَلُوا فَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهَا قَضَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ الْمَهْرَ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْعِدَّةَ، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْكُتُ بِإِصْبَعِهِ عَلَى طَرَفِ الْمَائِدَةِ كَالْمُتَفَكِّرِ فِي شَيْءٍ فَقَالَ لَهُ مَنْ إلَى جَنْبِهِ أَبْرِزْ مَا عِنْدَك هَلْ عِنْدَك شَيْءٌ آخَرُ فَغَضِبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ مَاذَا يَكُونُ عِنْدَهُ بَعْدَ قَضَاءِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَعْنِي فِي الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ.

فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عَلِيَّ بِالزَّوْجَيْنِ فَأُتِيَ بِهِمَا فَسَأَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ هَلْ تُعْجِبُك الْمَرْأَةُ الَّتِي دَخَلْت بِهَا قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: طَلِّقْ امْرَأَتَك تَطْلِيقَةً فَطَلَّقَهَا، ثُمَّ زَوَّجَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمَرْأَةَ الَّتِي دَخَلَ بِهَا وَقَالَ: قُومَا إلَى أَهْلِكُمَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ سُفْيَانُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَا هَذَا الَّذِي صَنَعْت فَقَالَ: أَحْسَنُ الْوُجُوهِ وَأَقْرَبُهَا إلَى الْأُلْفَةِ وَأَبْعَدُهَا عَنْ الْعَدَاوَةِ أَرَأَيْت لَوْ صَبَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ أَمَا كَانَ يَبْقَى فِي قَلْبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ بِدُخُولِ أَخِيهِ بِزَوْجَتِهِ وَلَكِنِّي أَمَرْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ دُخُولٌ وَلَا خَلْوَةٌ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلَاقِ، ثُمَّ زَوَّجْتُ كُلَّ امْرَأَةٍ مِمَّنْ وَطِئَهَا وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ مِنْهُ وَعِدَّتُهُ لَا تَمْنَعُ نِكَاحَهُ وَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ زَوْجَتِهِ وَلَيْسَ فِي قَلْبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ فَعَجِبُوا مِنْ فِطْنَةِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَحُسْنِ تَأَمُّلِهِ وَفِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ بَيَانُ فِقْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي خُتِمَ بِهَا الْكِتَابُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ]

(الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ) رَجُلٌ كَتَبَ إلَى امْرَأَتِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرِك وَغَيْرِ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ، ثُمَّ مَحَا ذِكْرَ فُلَانَةَ وَبَعَثَ بِالْكِتَابِ إلَى امْرَأَتِهِ لَا تَطْلُقُ فُلَانَةُ وَهَذِهِ حِيلَةٌ جَدِيدَةٌ.

(الْحِيلَةُ لِلْمُطَلَّقَةِ الثَّلَاثِ إذَا خَافَتْ أَنْ يُمْسِكَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي) أَنْ يَقُولَ الَّذِي يُرِيدُ التَّحْلِيلَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا: إنْ تَزَوَّجْتُك وَجَامَعْتُك مَرَّةً فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا. أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً. وَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا مِنْهُ، فَإِذَا جَامَعَهَا مَرَّةً يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَيَحْصُلُ لَهَا الْخَلَاصُ

<<  <  ج: ص:  >  >>