للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَابِضُ الْمُضَارَبَةَ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا تَصَرَّفَ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ ضَامِنٌ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَصَرَّفْ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِذَا قَالَ الْمُضَارِبُ: دَفَعْتَهُ إلَيَّ مُضَارَبَةً، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: دَفَعْتُهُ إلَيْكَ قَرْضًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ بَعْدَ هَذَا يُنْظَرُ إنْ هَلَكَ قَبْلَ الْعَمَلِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الْعَمَلِ كَانَ الْمُضَارِبُ ضَامِنًا لِلْمَالِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَيَا فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْمَالِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا ضَاعَ الْمَالُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَيَكُونُ الْمُضَارِبُ ضَامِنًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ: دَفَعْتَهُ إلَيَّ مُضَارَبَةً وَقَدْ ضَاعَ الْمَالُ قَبْلَ أَنْ أَعْمَلَ بِهِ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَخَذْتَهُ غَصْبًا، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ، فَإِنْ كَانَ عَمِلَ بِهِ ثُمَّ ضَاعَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْمَالِ، فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَلَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ: أَخَذْتُ مِنْكَ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً فَضَاعَ قَبْلَ أَنْ أَعْمَلَ بِهِ أَوْ بَعْدَمَا عَمِلْتُ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَخَذْتَهُ مِنِّي غَصْبًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ، وَالْمُضَارِبُ ضَامِنٌ فِي الْوَجْهَيْنِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الْعَامِلُ: أَخَذْتُهُ مِنْكَ غَصْبًا، فَالرِّبْحُ لِي بِالضَّمَانِ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: إنَّمَا أَمَرْتُكَ لِتَعْمَلَ بِهِ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا، فَلَوْ أَقَامَ رَبُّ الْمَالِ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْعَامِلِ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِضَاعَةً وَأَقَامَ الْعَامِلُ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ رَبِّ الْمَالِ أَنَّهُ أَخَذَهُ غَصْبًا فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْمَالِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَيُّ الْإِقْرَارَيْنِ أَوَّلُ، فَإِنْ عُلِمَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْإِقْرَارِ الثَّانِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

[النَّوْع الرَّابِع اخْتِلَافهمَا فِي وصول رأس الْمَال إلَى رَبّ الْمَال]

(النَّوْعُ الرَّابِعُ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي وُصُولِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى رَبِّ الْمَالِ قَبْلَ اقْتِسَامِهِمَا الرِّبْحَ أَوْ بَعْدَهُ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَرَبِحَ فِيهَا أَلْفًا، فَقَالَ لِرَبِّ الْمَالِ: قَدْ دَفَعْتُ إلَيْكَ رَأْسَ الْمَالِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَبَقِيَ هَذَا الْأَلْفُ رِبْحًا، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: لَمْ أَقْبِضْ مِنْكَ شَيْئًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ فَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا قَبَضْتُ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ الْمُضَارِبِ فَإِذَا حَلَفَ أَخَذَ الْأَلْفَ الْبَاقِيَ بِرَأْسِ مَالِهِ وَلَا يَنْتَظِرُ إلَى اسْتِحْلَافِ الْمُضَارِبِ ثُمَّ يُسْتَحْلَفُ الْمُضَارِبُ بِاَللَّهِ مَا اسْتَهْلَكْتُهُ وَلَا ضَيَّعْتُهُ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ وَلَمْ يَثْبُتْ قَبْضُ رَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ نَكَلَ الْمُضَارِبُ عَنْ الْيَمِينِ فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ كَانَ عِنْدَهُ وَقَدْ جَحَدَهُ فَصَارَ ضَامِنًا لِرَأْسِ الْمَالِ وَظَهَرَ أَنَّ مَالَ الْمُضَارَبَةِ أَلْفٌ دَيْنٌ وَأَلْفٌ عَيْنٌ فَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ الْأَلْفَ الْعَيْنَ بِرَأْسِ مَالِهِ فَيَكُونُ الْأَلْفُ الدَّيْنُ عَلَى الْمُضَارِبِ رِبْحًا فَيَرْجِعُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارِبِ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَلَوْ أَنَّ الْمُضَارِبَ حِينَ أَرَادَ رَبُّ الْمَالِ اسْتِحْلَافَهُ قَالَ: لَمْ أَدْفَعْهُ إلَيْكَ وَلَكِنَّهُ ضَاعَ مِنِّي وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ نِصْفَهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُضَارِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ رَبُّ الْمَالِ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمُضَارِبِ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَمْ يَقْبِضْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَيُّ الْإِقْرَارَيْنِ أَوَّلُ، فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ، وَإِنْ عُلِمَ أَيُّهُمَا أَوَّلُ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الَّذِي يَدَّعِي إقْرَارَ الْآخَرِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِنْ اقْتَسَمَ الْمُضَارِبُ وَرَبُّ الْمَالِ وَأَقَرَّا بِهَا وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا، فَقَالَ الْمُضَارِبُ: قَدْ كُنْتُ دَفَعْتُ رَأْسَ الْمَالِ إلَى رَبِّ الْمَالِ وَهُوَ يُنْكِرُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ بِقِسْمَةِ الرِّبْحِ إقْرَارًا بِقَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ، وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ " الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ " يَعْنِي فِيمَا يَدَّعِي الْمُضَارِبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْ خُلُوصِ الْخَمْسِمِائَةِ الَّتِي قَبَضَهَا لِنَفْسِهِ فَأَمَّا فِي حَقِّ بَرَاءَةِ الْمُضَارِبِ عَنْ ضَمَانِ رَأْسِ الْمَالِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ وَقَالُوا يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ إذَا حَلَفَا انْتَفَى الضَّمَانُ عَنْ الْمُضَارِبِ بِحَلِفِهِ، وَانْتَفَى قَبْضُ رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ الْمَالِ بِحَلِفِهِ أَيْضًا فَكَانَ أَلْفًا مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ قَدْ هَلَكَ فَيَنْصَرِفُ الْهَلَاكُ إلَى الرِّبْحِ فَكَانَ مَا قَبَضَهُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَالْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي قَبَضَهَا الْمُضَارِبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَيْضًا فَيَرُدُّهَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً غَرِمَهَا لِرَبِّ الْمَالِ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ رَأْسُ الْمَالِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الْمُضَارِبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

[النَّوْعُ الْخَامِسُ فِي اخْتِلَافِ الْمُضَارِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ رَبِّ الْمَالِ]

(النَّوْعُ الْخَامِسُ فِي اخْتِلَافِ الْمُضَارِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ رَبِّ الْمَالِ) . إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلَيْنِ مَالًا

<<  <  ج: ص:  >  >>