للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الْعَمَلِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ لِذَلِكَ وَقْتًا فَقَالَ اسْتَأْجَرْتُك لِتَخْبِزَ لِي الْيَوْمَ إلَى اللَّيْلِ بِدِرْهَمٍ جَازَ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ (بِدَيْنِ ده درم ديوار مِنْ بَازكُنَّ) جَازَ أَيْضًا بَيَّنَ لِذَلِكَ وَقْتًا أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ وَلَوْ قَالَ (بِدَيْنِ يكدرم ابْن خُرَّ مِنْ بادكن) إنْ لَمْ يَذْكُرْ لِذَلِكَ وَقْتًا لَا يَجُوزُ، وَإِنْ بَيَّنَ لِذَلِكَ وَقْتًا فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ ذَكَرَ الْوَقْتَ أَوَّلًا ثُمَّ الْأُجْرَةَ بِأَنْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك الْيَوْمَ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تُذَرِّيَ هَذَا الْكُدْسَ جَازَ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْأُجْرَةَ بَعْدَ بَيَانِ الْعَمَلِ فَلَا يَتَغَيَّرُ، وَإِنْ ذَكَرَ الْأُجْرَةَ أَوَّلًا ثُمَّ الْعَمَلَ بِأَنْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك بِدِرْهَمٍ الْيَوْمَ عَلَى أَنْ تُذَرِّيَ هَذَا الْكُدْسَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى الْأُجْرَةِ أَوَّلًا، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْأُجْرَةِ بَعْدَ بَيَانِ الْعَمَلِ فَإِذَا كَانَ الْعَمَلُ مَعْدُومًا أَوْ مَجْهُولًا صَارَ ذِكْرُ الْوَقْتِ بَعْدَ بَيَانِ الْأُجْرَةِ لِلِاسْتِعْجَالِ أَيْ عَلَى شَرْطِ أَنْ تُعَجِّلَ الْيَوْمَ وَلَمْ تُؤَخِّرْ فَلَمْ يَكُنْ ذِكْرُ الْوَقْتِ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فَلَا يَجُوزُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ السَّابِعُ فِي إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ]

ِ الْأَصْلُ عِنْدُنَا أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ فِيمَا لَا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَمَنْ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَنْقُولٍ فَأَرَادَ أَنْ يُؤَاجِرَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَقِيلَ إنَّهُ فِي الْإِجَارَةِ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي الْبَيْعِ اخْتِلَافٌ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا وَقَبَضَهَا ثُمَّ آجَرَهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ آجَرَهَا بِمِثْلِ مَا اسْتَأْجَرَهَا أَوْ أَقَلَّ، وَإِنْ آجَرَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهَا فَهِيَ جَائِزَةٌ أَيْضًا إلَّا إنَّهُ إنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ جِنْسِ الْأُجْرَةِ الْأُولَى فَإِنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَطِيبُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهَا طَابَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ وَلَوْ زَادَ فِي الدَّارِ زِيَادَةً كَمَا لَوْ وَتَّدَ فِيهَا وَتَدًا أَوْ حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا أَوْ طِينًا أَوْ أَصْلَحَ أَبْوَابَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْ حَوَائِطِهَا طَابَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ، وَأَمَّا الْكَنْسُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ زِيَادَةً وَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا مَنْ شَاءَ إلَّا الْحَدَّادَ وَالْقَصَّارَ وَالطَّحَّانَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ وَيُوهِنُهُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَوْ آجَرَ مَعَ مَا اسْتَأْجَرَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهِ عَقْدَ الْإِجَارَةِ طَابَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي كِتَابِ الْحِيَلِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ دَارًا فَكَنَسَهَا مِنْ التُّرَابِ ثُمَّ آجَرَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَ لَا تَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ آجَرَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَ وَقَالَ عِنْدَ الْإِجَارَةِ عَلَى أَنْ أَكْنِسَ الدَّارَ يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي كِتَابِ شَرْحِ الْحِيَلِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ أَرْضًا فَعَمِلَ بِهَا مُسَنَّاةً فَذَلِكَ زِيَادَةٌ وَيَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ قَالَ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا عَمِلَ فِيهَا عَمَلًا يَكُونُ قَائِمًا فَذَلِكَ زِيَادَةٌ وَيَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ، وَإِنْ كَرَى أَنْهَارَهَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا زِيَادَةٌ تُوجِبُ طِيبَ الْفَضْلِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَصْحَابُنَا فِي هَذَا مُتَرَدِّدُونَ بَعْضُهُمْ يَعُدُّونَ هَذَا زِيَادَةً وَقَالُوا تُيَسِّرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إجْرَاءَ الْمَاءِ إلَيْهَا وَتُسَهِّلُ الْعَمَلَ فِيهَا فَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً وَبَعْضُهُمْ لَا يَعُدُّونَ هَذَا زِيَادَةً وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ شَيْئَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَزَادَ فِي أَحَدِهِمَا شَيْئًا وَزَادَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَوْ أَصْلَحَ فِي أَحَدِهِمَا شَيْئًا لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُمَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهُمَا وَلَوْ كَانَتْ الصَّفْقَةُ مُتَفَرِّقَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُمَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهُمَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَكَانَ الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ يَحْكِي عَنْ أُسْتَاذِهِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَوْ آجَرَهُ مِنْ الْمُؤَاجِرِ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ آجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ إنَّ الْغَيْرَ آجَرَهُ مِنْ الْمُؤَاجِرِ يَصِحُّ وَقَالَ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْإِجَارَةَ مِنْ الْمَالِكِ لَا تَجُوزُ مُطْلَقًا تَخَلَّلَ الثَّالِثَ أَوْ لَا وَبِهِ قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَهَلْ يَسْقُطُ الْأَجْرُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ الْآجِرُ قَبَضَ الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ يَسْقُطُ الْأَجْرُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ لَا يَسْقُطُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

ثُمَّ إذَا كَانَتْ لَا تَصِحُّ عِنْدَنَا هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ نَقْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>