للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَرَعَهَا حِنْطَةً فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ وَإِنْ زَرَعَهَا سِمْسِمًا فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فَهَذَا جَائِزٌ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ فَاسِدٌ فِي السِّمْسِمِ وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَهَذَا جَائِزٌ لِأَنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْمُزَارَعَةِ وَبَيْنَ الِاسْتِعَانَةِ وَبَيْنَ إعَارَةِ الْأَرْضِ وَإِقْرَاضِ الْبَذْرِ وَمِثْلُ هَذَا جَائِزٌ فِي الْإِجَارَةِ الْمَحْضَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ سَنَتَهُ هَذِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَرَعَهَا حِنْطَةً فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ ثُلُثُهُ وَإِنْ زَرَعَهَا سِمْسِمًا فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ رُبْعُهُ جَازَ عَلَى مَا اشْتَرَطَا لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْأَرْضِ تَتَأَكَّدُ عِنْدَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ وَعِنْدَ ذَلِكَ الْبَذْرُ مَعْلُومٌ، وَلَوْ زَرَعَ بَعْضَهَا شَعِيرًا وَبَعْضَهَا سِمْسِمًا جَازَ أَيْضًا عَلَى مَا اشْتَرَطَا فِي كُلِّ نَوْعِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَيْضًا ثَلَاثِينَ سَنَةً عَلَى أَنَّ مَا زَرَعَ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ شَيْءٍ مِنْ غَلَّةِ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَمَا غَرَسَ مِنْهَا مِنْ شَجَرٍ أَوْ كَرْمٍ أَوْ نَخْلٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ ثُلُثُهُ وَلِلْعَامِلِ ثُلُثَاهُ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا سَوَاءٌ زَرَعَ الْكُلَّ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ أَوْ زَرَعَ بَعْضَهَا وَجَعَلَ بَعْضَهَا كَرْمًا فَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَلَوْ دَفَعَ أَرْضًا مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَبَقَرِهِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ بَعْضَهَا حِنْطَةً وَبَعْضَهَا شَعِيرًا وَبَعْضَهَا سِمْسِمًا فَمَا زَرَعَ مِنْهَا حِنْطَةً فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَمَا زَرَعَ مِنْهَا شَعِيرًا فَلِرَبِّ الْأَرْضِ ثُلُثُهُ وَمَا زَرَعَ مِنْهَا سِمْسِمًا فَلِرَبِّ الْأَرْضِ مِنْهَا ثُلُثَاهُ فَهُوَ فَاسِدٌ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَ الْعَقْدُ كَانَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا يَزْرَعُهَا سَنَتَهُ هَذِهِ بِبَذْرِهِ وَبَقَرِهِ وَعَمَلِهِ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ فِيهَا أُجَرَاءَ مِنْ مَالِ الْمُزَارِعِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَوْ اشْتَرَطَا أَنْ يَسْتَأْجِرَ أُجَرَاءَ مِنْ مَالِ رَبِّ الْأَرْضِ فَهَذِهِ مُزَارَعَةٌ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ عَمَلِ أَجِيرِ رَبِّ الْأَرْضِ كَاشْتِرَاطِ عَمَلِ رَبِّ الْأَرْضِ مَعَ الْمُزَارِعِ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْمُزَارَعَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَطَا أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأُجَرَاءَ مِنْ مَالِ الْمُزَارِعِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ بِهِ فِيمَا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ فَهَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي شَرَطَ فِيهِ رُجُوعَ الْمُزَارِعِ مِنْ الرِّيعِ بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرُوطِ لِلْمُزَارِعِ فَكَأَنَّهُ شَرَطَ لَهُ أَقْفِزَةً مَعْلُومَةً مِنْ الْخَارِجِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ فَاشْتَرَطَ عَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرَ الْأُجَرَاءِ مِنْ مَالِهِ جَازَ، وَلَوْ اشْتَرَطَا أَجْرَ الْأُجَرَاءِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَجُزْ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِ عَمَلِ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرُ مَعَ الْمُزَارِعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَطَاهُ عَلَى الْمُزَارِعِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ بِهِ فِي الْخَارِجِ فَهُوَ فَاسِدٌ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ شَرَطَا لَهُ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ الْخَارِجِ فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ وَيَكُونُ الرِّيعُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ وَأَجْرُ مِثْلِ أُجَرَائِهِ فِيمَا عَمِلُوا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَاب الرَّابِع فِي رَبِّ الْأَرْضِ أَوْ النَّخِيلِ إذَا تَوَلَّى الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ]

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي رَبِّ الْأَرْضِ أَوْ النَّخِيلِ إذَا تَوَلَّى الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ ثُمَّ إنَّ رَبَّ الْأَرْضِ تَوَلَّى الزِّرَاعَةَ بِنَفْسِهِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ وَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا: الْأَوَّلُ أَنْ يَتَوَلَّى الزِّرَاعَةَ بِأَمْرِ الْمُزَارِعِ وَأَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَمَّا إنْ اسْتَعَانَ الْمُزَارِعُ بِرَبِّ الْأَرْضِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْخَارِجُ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَبَيْنَ الْمُزَارِعِ عَلَى مَا شَرَطَا نِصْفَانِ قَالُوا: إنَّمَا يَكُونُ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا إذَا لَمْ يَقُلْ رَبُّ الْأَرْضِ وَقْتَ الْمُزَارَعَةِ: أَزْرَعُهَا لِنَفْسِي أَمَّا إذَا قَالَ: أَزْرَعُهَا لِنَفْسِي يَكُونُ كُلُّ الْخَارِجِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَتُنْتَقَضُ الْمُزَارَعَةُ إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَطْلَقَ الْجَوَابَ إطْلَاقًا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الْجَوَابُ عَلَى مَا أَطْلَقَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَحِيحٌ، الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُزَارِعُ رَبَّ الْأَرْضِ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ لِيَعْمَلَ عَمَلَ الْمُزَارَعَةِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ وَالْمُزَارَعَةُ عَلَى حَالِهَا، الْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنْ هَذَا إذَا دَفَعَ الْمُزَارِعُ الْأَرْضَ إلَى رَبِّ الْأَرْضِ مُزَارَعَةً بِطَائِفَةٍ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الزَّرْعِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمُزَارَعَةُ الثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ وَالْمُزَارَعَةُ الْأُولَى عَلَى حَالِهَا هَذَا إذَا تَوَلَّى رَبُّ الْأَرْضِ الْمُزَارَعَةَ بِأَمْرِ الْمُزَارِعِ، فَأَمَّا إذَا تَوَلَّاهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَالْبَذْرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>