للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ الْإِجَارَةُ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ]

(الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْإِجَارَةِ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ وَاسْتِئْجَارِ الْأَجِيرَيْنِ) فِي الْعُيُونِ رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا طَعَامٌ اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ دَابَّةً لِيَحْمِلَ نَصِيبَهُ مِنْ الطَّعَامِ إلَى مَكَانِ كَذَا وَالطَّعَامُ غَيْرُ مَقْسُومٍ فَحَمَلَ كُلٌّ الطَّعَامَ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ لَا أَجْرَ لَهُ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا سَفِينَةٌ فَأَرَادَ نَقْلَ الطَّعَامِ إلَى بَلَدٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلَّذِي لَهُ السَّفِينَةُ أَجِّرْنِي نِصْفَ سَفِينَتِك أَحْمِلْ عَلَيْهَا حِصَّتِي مِنْ الطَّعَامِ وَحِصَّتَك مِنْهُ فِي نِصْفِ سَفِينَتِك فَفَعَلَ جَازَ وَكَذَا إذَا أَرَادَا أَنْ يَطْحَنَاهُ وَلِأَحَدِهِمَا رَحًى فَاسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ الرَّحَى الَّتِي لِشَرِيكِهِ.

وَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْت مِنْك عَبْدَك لِيَحْمِلَ هَذَا الطَّعَامَ الَّذِي بَيْنَنَا لَمْ يَجُزْ وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْحِفْظِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ شَيْءٍ اسْتَأْجَرَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ مِمَّا يَكُونُ مِنْهُ عَمَلٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ عَمِلَ فَلَا أَجْرَ لَهُ مِثْلُ الدَّابَّةِ وَكُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ يَكُونُ مِنْهُ الْعَمَلُ اسْتَأْجَرَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ فَهُوَ جَائِزٌ مِثْلُ الْجَوَالِقِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا الْخِلَافُ رِوَايَةُ الْمَبْسُوطِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ لَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْ صَاحِبِهِ بَيْتًا أَوْ حَانُوتًا لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَا يُسْتَحَقُّ بِهِ الْأُجْرَةُ إلَّا بِإِيقَاعِ الْعَمَلِ فِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ فَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَ لَمْ يَجُزْ مِثْلُ أَنْ يُسْتَأْجَرَ لِيَنْقُلَ الطَّعَامَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغُلَامِهِ أَوْ بِدَابَّتِهِ أَوْ لِقِصَارَةِ الثَّوْبِ وَكُلُّ مَا لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِغَيْرِ إيقَاعِ الْعَمَلِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ مِثْلُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْهُ دَارًا لِيُحْرِزَ فِيهَا الطَّعَامَ أَوْ سَفِينَةً أَوْ جَوَالِقَ أَوْ رَحًى قَالَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ الْفَتْوَى عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْعُيُونِ وَالْقُدُورِيُّ. كَذَا فِي الْكُبْرَى.

وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ اسْتَأْجَرَ رَجُلَيْنِ يَحْمِلَانِ لَهُ هَذِهِ الْخَشَبَةَ إلَى مَنْزِلِهِ بِدِرْهَمٍ فَحَمَلَهَا أَحَدُهُمَا فَلَهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ إذَا لَمْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْحِمْلِ وَالْعَمَلِ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَهُمَا لِبِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ وَلَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الْعَمَلِ يَجِبُ الْأَجْرُ كُلُّهُ وَيَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ وَيَصِيرُ عَمَلُ أَحَدِهِمَا بِحُكْمِ الشَّرِكَةِ كَعَمَلِهِمَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْ الْعَبْدِ لِيَخِيطَ لَهُ الثِّيَابَ جَازَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَفِي الْأَصْلِ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ قَوْمًا يَحْفِرُونَ لَهُ سِرْدَابًا إجَارَةً صَحِيحَةً فَعَمِلُوا إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ عَمِلَ أَكْثَرَ مِمَّا عَمِلَ الْآخَرُ كَانَ الْأَجْرُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّتَيْنِ لِيَحْمِلَ عَلَيْهِمَا عِشْرِينَ مَخْتُومًا مِنْ الْحِنْطَةِ بِكَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْعَشَرَةِ فَلَوْ حَمَلَ عَلَى وَاحِدَةٍ أَكْثَرَ مِنْ الْعَشَرَةِ فَإِنَّهُ يَقْسِمُ الْأَجْرَ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ أَجْرِ مِثْلِهِمَا؛ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ الدَّابَّتَيْنِ تَفَاوُتٌ فَاحِشٌ يَخْتَلِفُ الْأَجْرُ بِمِثْلِهِ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْأُجَرَاءِ فِي عَمَلٍ وَاحِدٍ تَفَاوُتٌ يَسِيرٌ فَلَا يُعْتَبَرُ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْأُجَرَاءِ فِي الْعَمَلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَفَاوُتًا فَاحِشًا أَمَّا إذَا فَحُشَ التَّفَاوُتُ لَا يُقَسَّمُ الْأَجْرُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّتَيْنِ.

وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ أَحَدُهُمَا لِمَرَضٍ أَوْ عُذْرٍ آخَرَ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا شِرْكَةٌ بِأَنْ لَمْ يَشْتَرِكَا فِي تَقَبُّلِ هَذَا الْعَمَلِ سَقَطَ حِصَّتَهُ أَجْرُ الْمَرِيضِ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي تَقَبُّلِ هَذَا الْعَمَلِ يَجِبُ كُلُّ الْأَجْرِ وَتَكُونُ حِصَّةُ الْمَرِيضِ لَهُ.

وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَانِعَانِ آجَرَ أَحَدُهُمَا آلَةَ عَمَلِهِ مِنْ الْآخَرِ ثُمَّ اشْتَرَكَا فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى كُلِّ شَهْرٍ يَجِبُ الْأَجْرُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَلَا يَجِبُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ الشَّرِكَةَ طَرَأَتْ عَلَى الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ فَلَا تُبْطِلُهَا، وَفِي الشَّهْرِ الثَّانِي الشَّرِكَةُ سَبَقَتْ الْإِجَارَةَ فَمَنَعَتْ انْعِقَادَهَا فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ.

وَإِنْ آجَرَهَا عَشْرَ سِنِينَ فَالْأَجْرُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ قَدْ صَحَّتْ فِي كُلِّ الْمُدَّةِ الْمُسَمَّاةِ فَلَا تُبْطِلُهَا لِجَرَيَانِ الشَّرِكَةِ عَلَيْهَا وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الشَّرِكَةُ تُوهِنُ الْإِجَارَةَ وَصُورَةُ مَا نُقِلَ عَنْهُ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ حَانُوتًا ثُمَّ اشْتَرَكَا فِي عَمَلٍ يَعْمَلَانِهِ فِي ذَلِكَ الْحَانُوتِ وَبِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ يُفْتَى وَيَسْقُطُ الْأَجْرُ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>