للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كِتَابُ الْغَصْبِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَابًا] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْغَصْبِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ]

(كِتَابُ الْغَصْبِ)

(وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَابًا) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْغَصْبِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ وَمَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ مِنْ بَيَانِ الْمِثْلِيَّاتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ)

أَمَّا تَفْسِيرُهُ شَرْعًا فَهُوَ أَخْذُ مَالٍ مُتَقَوِّمٍ مُحْتَرَمٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ عَلَى وَجْهٍ يُزِيلُ يَدَ الْمَالِكِ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ يَقْصُرُ يَدَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَمَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَصْبٍ وَمَنْ مَنَعَ مَالِكَهُ مِنْ حِفْظِ مَالَهُ حَتَّى هَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.

وَأَمَّا شَرْطُهُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَوْنُ الْمَأْخُوذِ مَنْقُولًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ حَتَّى إنَّ غَصْبَ الْعَقَارِ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

وَأَمَّا حُكْمُهُ فَالْإِثْمُ وَالْمَغْرَمُ عِنْدَ الْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ بِدُونِ الْعِلْمِ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مَالُهُ أَوْ اشْتَرَى عَيْنًا ثُمَّ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُهُ فَالْمَغْرَمُ وَيَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ عَيْنِهِ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رَدِّ عَيْنِهِ بِهَلَاكِهِ فِي يَدِهِ بِفِعْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مِثْلِهِ بِالِانْقِطَاعِ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَوْمَ الْغَصْبِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَوْمَ الِانْقِطَاعِ كَذَا فِي الْكَافِي.

. وَإِنْ غَصَبَ مَا لَا مِثْلَ لَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ يَوْمِ الْغَصْبِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَحَدُّ الِانْقِطَاعِ أَنْ لَا يُوجَدَ فِي السُّوقِ الَّذِي يُبَاعُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ فِي الْبُيُوتِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ كَانُوا يُفْتُونَ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الْكَبِيرُ بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا أَفْتَوْا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكِفَايَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّرْفِ.

ذَكَرَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْغَصْبِ لَيْسَ كُلُّ مَكِيلٍ مِثْلِيًّا وَلَا كُلُّ مَوْزُونٍ وَإِنَّمَا الْمِثْلِيُّ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ مَا هُوَ مُتَقَارِبٌ وَأَمَّا مَا هُوَ مُتَفَاوِتٌ فَلَيْسَ بِمِثْلِيٍّ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ كُلِّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَيْلًا وَعَدَدًا وَوَزْنًا وَالْمُتَفَاوِتَةِ كُلِّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَمَا تَتَفَاوَتُ آحَادُهُ فِي الْقِيمَةِ فَهُوَ عَدَدِيٌّ مُتَفَاوِتٌ وَمَا لَا تَتَفَاوَتُ آحَادُهُ وَإِنَّمَا تَتَفَاوَتُ أَنْوَاعُهُ كَالْبَاذِنْجَانِ فَهُوَ مُتَقَارِبٌ مِثْلِيٌّ فَعَلَى قِيَاسِ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْبَصَلُ وَالثُّومُ مِثْلِيَّيْنِ وَصَغِيرُ الْبَيْضِ وَكَبِيرُهُ سَوَاءٌ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِهِ الصَّحِيحَ أَنَّ النُّحَاسَ وَالصُّفْرَ مِثْلِيَّانِ وَالْمِشْمِشَ وَالْخَوْخَ كُلَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ؛ لِأَنَّهَا عَدَدِيٌّ مُتَقَارِبٌ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ الْعِنَبُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُ وَأَلْوَانُهُ وَكَذَا الزَّبِيبُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ الرِّبَا.

ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ مَنْ أَتْلَفَ عَلَى آخَرَ جُبْنَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَلَمْ يَجْعَلْ الْجُبْنَ مِثْلِيًّا مَعَ أَنَّهُ مَوْزُونٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَفَاوِتٌ فِي نَفْسِهِ تَفَاوُتًا فَاحِشًا وَإِنْ اُعْتُبِرَ مِثْلِيًّا فِي حَقِّ جَوَازِ السَّلَمِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَالشَّحْمُ مِثْلِيٌّ وَالْفَحْمُ مِثْلِيٌّ وَالتُّرَابُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَالْغَزْلُ مِثْلِيٌّ وَكَذَا الْمَصْبُوغُ مِنْهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

فِي الْفَتَاوَى الْخَلُّ وَالْعَصِيرُ مِثْلِيَّانِ وَكَذَا الدَّقِيقُ وَالنُّخَالَةُ وَالْجِصُّ وَالنُّورَةُ وَالْقُطْنُ وَغَزْلُهُ وَالصُّوفُ وَغَزْلُهُ وَالتِّبْنُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ وَالْكَتَّانُ وَالْإِبْرَيْسَمُ وَالرَّصَاصُ وَالشِّبْهُ وَالْحَدِيدُ وَالْحِنَّاءُ وَالْوَسْمَةُ وَالرَّيَاحِينُ الْيَابِسَةُ كُلُّهَا مِثْلِيٌّ وَالْجَمْدُ مِثْلِيٌّ فِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ قِيَمِيٌّ وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّ الْمَاءَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَالْكَاغَدُ مِثْلِيٌّ وَالرُّمَّانُ وَالسَّفَرْجَلُ وَالْقِثَّاءُ وَالْقَثَدُ وَالْبِطِّيخُ كُلُّهَا مِمَّا يَتَفَاوَتُ آحَادُهُ فَيَكُونُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَالصَّابُونُ والسكنجبين والكاشكر مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ كُلُّ مَوْزُونَيْنِ إذَا اخْتَلَطَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا يَخْرُجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِثْلِيًّا وَيَكُونُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ. وَإِنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الْآخَرِ رُبَّمَا يَكُونُ الدُّهْنُ أَكْثَرَ وَالْخَلُّ رُبَّمَا يَكُونُ فِي هَذَا أَقَلَّ مِنْهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَا عَلَى السَّوَاءِ بِأَنْ اُتُّخِذَا أَعْنِي الصَّابُونَيْنِ مِنْ دُهْنٍ وَاحِدٍ يَضْمَنُ مِثْلَهُ وَالسِّرْقِينُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَالْحَطَبُ وَأَوْرَاقُ الْأَشْجَارِ كُلِّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَالْبُسُطُ وَالْحَصِيرُ وَالْبَوَارِي وَأَمْثَالُهَا مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَكَذَا الْأُدُمُ وَالصَّرْمُ وَالْجُلُودُ كُلُّهَا قِيَمِيٌّ كَالثِّيَابِ وَالْأَبِرَةِ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ؛ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ فِي الطَّبْخِ وَالرَّيَاحِينُ الرُّطْبَةُ وَالْبُقُولُ وَالْقَصَبُ وَالْخَشَبُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَاللَّبَنُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>