للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَجِبُ الْمَالُ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ الْإِجَازَةُ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ الْمَالُ وَلَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُ الْهَزْلِ، هَكَذَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ طَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ صَالَحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى مَالِ فِي السِّرِّ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ صَالَحَ فِي الْعَلَانِيَةِ مَرَّةً أُخْرَى إنْ كَانَ الثَّانِي بِجِنْسِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ أَكْثَرُ إنْ أَشْهَدَا أَنَّ مَا يُسَمِّيَانِ فِي الْعَلَانِيَةِ سُمْعَةٌ وَرِيَاءٌ فَالْبَدَلُ الْمُسَمَّى فِي السِّرِّ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدَا عَلَى ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَدَلُ مَا سَمَّيَا فِي السِّرِّ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالُوا: الْبَدَلُ مَا سَمَّيَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَيُجْعَلُ أَحَدُ الْأَلْفَيْنِ زِيَادَةً فِي بَدَلِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْبَدَلُ مَا سَمَّيَا فِي السِّرِّ، وَحَاصِلُ الْخِلَافِ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي بَدَلِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ هَلْ تَصِحُّ.؟ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ لَا تَصِحُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي بِجِنْسٍ آخَرَ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إنْ أَشْهَدَا أَنَّ مَا يُسَمِّيَانِ فِي الْعَلَانِيَةِ سُمْعَةٌ فَالْمَهْرُ مَهْرُ السِّرِّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَإِذَا تَوَاضَعَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ أَنَّ الْمَهْرَ دَنَانِيرُ وَتَزَوَّجَهَا فِي الْعَلَانِيَةِ عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا كَانَ مَهْرُهَا الدَّنَانِيرَ الَّتِي تَوَاضَعَا عَلَيْهَا فِي السِّرِّ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعَلَانِيَةِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الدَّنَانِيرُ مَهْرًا لَهَا أَوْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَسَكَتَ عَنْ الْمَهْرِ انْعَقَدَ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أُطَلِّقُكِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَكِنَّا نُسْمِعُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَطَلَّقَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَإِنْ تَوَاضَعَا أَنَّهُمَا يُسَمِّيَانِ الدَّنَانِيرَ سُمْعَةً وَهَزْلًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) وَلَوْ أُكْرِهَ بِوَعِيدِ تَلَفٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ عَلَى أَنْ يُقِرَّ فَأَقَرَّ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، فَإِنْ أُكْرِهَ بِحَبْسِ يَوْمٍ أَوْ قَيْدِ يَوْمٍ أَوْ ضَرْبِ سَوْطٍ عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَلْفٍ فَأَقَرَّ جَازَ، فَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الْحَبْسِ وَالْقَيْدِ يَغُمُّهُ كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَوْسَاطِ النَّاسِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ حَيْثُ يَسْتَنْكِفُ مِنْ ضَرْبِ سَوْطٍ فِي الْمَلَأِ أَوْ قَيْدٍ أَوْ حَبْسِ يَوْمٍ أَوْ تَعْرِيكِ أُذُنِهِ فِي مَجْلِسِ السُّلْطَانِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُكْرَهًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ بِمِائَةِ دِينَارٍ قِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ نَفَذَ الْإِقْرَارُ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُقِرَّ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ فَأَقَرَّ بِخَمْسِمِائَةٍ لَا يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَوْ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ لَزِمَتْهُ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا كَانَ مُكْرَهًا وَلَا يَلْزَمُهُ قَدْرُ مَا كَانَ مُكْرَهًا فِيهِ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِنِصْفِ غَيْرِ مَا أَكْرَهُوهُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَهُوَ طَائِعٌ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ، وَلَوْ أَكْرَهُوهُ عَلَى أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فَأَقَرَّ لَهُ وَلِفُلَانٍ الْغَائِبِ بِأَلْفٍ فَالْإِقْرَارُ كُلُّهُ بَاطِلٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ أَقَرَّ الْغَائِبُ بِالشَّرِكَةِ أَوْ أَنْكَرَهَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ صَدَّقَهُ الْغَائِبُ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ بَطَلَ الْإِقْرَارُ كُلُّهُ، وَإِنْ قَالَ: لِي عَلَيْهِ نِصْفُ هَذَا الْمَالِ وَلَا شَرِكَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الَّذِي أَكْرَهُوهُ عَلَى الْإِقْرَارِ لَهُ جَازَ الْإِقْرَارُ لِلْغَائِبِ بِنِصْفِ الْمَالِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

قَالَ: وَإِذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ أَوْ غَيْرِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِعِتْقٍ مَاضٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ نِكَاحٍ وَهُوَ يَقُولُ لَمْ أَفْعَلْهُ فَأَقَرَّ بِهِ مُكْرَهًا فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ وَالْعَبْدُ عَبْدُهُ كَمَا كَانَ وَالْمَرْأَةُ زَوْجَتُهُ كَمَا كَانَتْ، وَالْإِكْرَاهُ بِالْحَبْسِ أَوْ الْقَتْلِ فِي هَذَا سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِالرَّجْعَةِ وَالْفَيْءِ بِالْإِيلَاءِ وَالْعَفْوِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ، وَكَذَلِكَ الْإِقْرَارُ فِي عَبْدِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ فِي جَارِيَتِهِ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِقْرَارِ.

وَفِي التَّجْرِيدِ: إذَا أُكْرِهَ بِضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ حَتَّى يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِحَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ فَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِنْ خُلِّيَ سَبِيلُهُ ثُمَّ أُخِذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَقَرَّ بِهِ إقْرَارًا مُسْتَقْبَلًا أُخِذَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُخَلِّهِ وَلَكِنْ قَالَ: لَا آخُذُ بِإِقْرَارِكَ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَقِرَّ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا، وَهُوَ فِي يَدِهِ عَلَى حَالِهِ لَمْ يَجُزْ الْإِقْرَارُ، وَإِنْ خُلِّيَ سَبِيلُهُ وَلَمْ يَتَوَارَ عَنْ بَصَرِ الْمُكْرِهِ بَعَثَ مَنْ أَخَذَهُ وَرَدَّهُ فَأَقَرَّ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ فَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِقِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ فَأَقَرَّ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، فَإِنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِمَا أَقَرَّ بِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>