للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْخَارِجِ مِنْ الْكُورَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْكُورَةِ عِنْدَ ذِكْرِ الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ لِقَطْعِ هَذَا الِاحْتِمَالِ.

وَلَكِنَّ هَذَا الطَّعْنَ عِنْدِي فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ الْمِصْرُ لَيْسَ بِشَرْطِ نَفَاذِ الْقَضَاءِ، فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِشَيْءٍ خَارِجَ الْمِصْرِ كَانَ قَضَاؤُهُ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ فَيَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَيَصِحُّ سِجِلُّهُ وَيَصِيرُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ.

(سِجِلٌّ وَرَدَ مِنْ قَاضٍ كُتِبَ فِي آخِرِهِ، يَقُولُ فُلَانٌ: كُتِبَ هَذَا السِّجِلُّ عَنِّي بِأَمْرِي وَمَضْمُونُهُ حُكْمِي كَذَا) فَأَخَذُوا عَلَيْهِ، وَقَالُوا: قَوْلُهُ مَضْمُونُهُ حُكْمِي كَذَا كَذِبٌ وَخَطَأٌ؛ لِأَنَّ مَضْمُونَ السِّجِلِّ أَشْيَاءُ التَّسْمِيَةِ وَحِكَايَةُ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَإِنْكَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَهَادَةُ الشُّهُودِ وَكُلُّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحُكْمِ الْقَاضِي، وَإِنَّمَا حُكْمُ الْقَاضِي بَعْضُ مَضْمُونِ السِّجِلِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ، وَفِي مَضْمُونِهِ حُكْمِي أَوْ يَكْتُبَ وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِيهِ حُكْمِي أَوْ يَكْتُبَ وَالْقَضَاءُ الْمَذْكُورُ فِيهِ قَضَائِي نَفَّذْتُهُ بِحُجَّةٍ لَاحَتْ عِنْدِي.

(وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الدَّنَانِيرِ الْمَكِّيَّةِ رَأْسَ مَالِ الشَّرِكَةِ) صُورَتُهُ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ أَنَّ هَذَا الْحَاضِرَ مَعَ هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ اشْتَرَكَا شَرِكَةَ عِنَانٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا كَذَا عَدَلِيًّا مِنْ ضَرْبِ كَذَا عَلَى أَنْ يَبِيعَا وَيَشْتَرِيَا جُمْلَةً وَعَلَى الِانْفِرَادِ مَا بَدَا لَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَالْأَقْمِشَةِ، وَأَحْضَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسَ مَالِهِ وَخَلَطَاهُ وَجَعَلَاهُ فِي يَدِ هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ، وَأَنَّ هَذَا الْمُحْضَرَ مَعَهُ اشْتَرَى بِهَذِهِ الْعَدْلِيَّاتِ الَّتِي هِيَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِكَةِ كُلِّهَا كَذَا كَذَا مِنْ الْكَرَابِيسِ، ثُمَّ بَاعَهَا بِكَذَا مِنْ الدَّنَانِيرِ الْمَكِّيَّةِ الْمَوْزُونَةِ بِوَزْنِ مَكَّةَ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَدَاءُ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ الْمَكِّيَّةِ، وَذَلِكَ كَذَا إذْ هِيَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا فِي يَدِهِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ، وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ (فَرُدَّ هَذَا الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّ الدَّعْوَى وَقَعَتْ فِي الدَّنَانِيرِ الْمَكِّيَّة؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى وَقَعَتْ فِي ثَمَنِ الْكَرَابِيسِ، وَثَمَنُ الْكَرَابِيسِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَكِّيَّةِ نَقْلِيَّةٌ وَالدَّعْوَى فِي النَّقْلِيَّاتِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَيْهَا حَالَ غَيْبَتِهَا لَا تُسْمَعُ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَوَابٍ عِنْدَنَا.

وَلَا يَجُوزُ رَدُّ الْمَحْضَرِ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِحْضَارَ فِي الْمَنْقُولِ، إنَّمَا يُشْتَرَطُ لِلْإِشَارَةِ إلَيْهِ، وَفِي الدَّنَانِيرِ وَمَا أَشْبَهَهَا لَا يُمْكِنُ الْإِشَارَةُ؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ يُشْبِهُ الْبَعْضَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ وَالْفَصْلُ، ثُمَّ هَذَا الْعَقْدُ لَمْ يَصْلُحْ شَرِكَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ الْعِدْلِيَّ الَّذِي فِي زَمَانِنَا بِمَنْزِلَةِ الْفُلُوسِ، وَالْفُلُوسُ لَا تَصْلُحُ رَأْسَ مَالِ الشَّرِكَةِ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِهِمَا فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ دَافِعُ الْعَدْلِيَّاتِ قَالَ لِشَرِيكِهِ يَوْمَ دَفْعِ الْعَدْلِيَّاتِ إلَيْهِ اشْتَرِ بِهَا وَبِعْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فَإِذَا اشْتَرَى الشَّرِيكُ بِالْعِدْلِيَّاتِ الْكَرَابِيسَ وَبَاعَ الْكَرَابِيسَ بِالْمَكِّيِّ وَاشْتَرَى بِالْمَكِّيِّ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ وَبَاعَهُ هَكَذَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَجَمِيعُ الْبِيَاعَاتِ نَافِذَةٌ وَالْمُشْتَرَى فِي كُلِّ مَرَّةٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَالثَّمَنُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مَعَ الرِّبْحِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ إنْ لَمْ تَنْفُذْ عَلَى الدَّافِعِ بِحُكْمِ الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَمْ تَصِحَّ؛ نَفَذَتْ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ وَالْأَمْرِ، وَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ قَالَ لِشَرِيكِهِ: اشْتَرِ بِهَذِهِ الْعَدْلِيَّاتِ وَبِعْ، وَلَمْ يَقُلْ: مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، فَإِذَا اشْتَرَى بِهَا الْكَرَابِيسَ، ثُمَّ بَاعَ الْكَرَابِيسَ انْتَهَتْ الْوَكَالَةُ بِنِهَايَتِهَا وَوَجَبَ عَلَى الشَّرِيكِ دَفْعُ الْمَكِّيَّاتِ إلَى الدَّافِعِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَعَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ، فَإِذَا اشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، فَإِذَا نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ الْمَكِّيِّ صَارَ غَاصِبًا لِحِصَّةِ الدَّافِعِ مِنْ الْمَكِّيِّ فَيَصِيرُ ضَامِنًا لَهُ ذَلِكَ الْقَدْرَ.

[مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ]

(مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ) صُورَتُهُ ادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَنَّ أَبَا هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَوْصَى لِهَذَا الْحَاضِرِ بِثُلُثِ جَمِيعِ مَالِهِ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ وَثَبَاتِ عَقْلِهِ وَصِيَّةً صَحِيحَةً، وَأَنَّ هَذَا الْحَاضِرَ قَبِلَ مِنْهُ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ قَبُولًا صَحِيحًا، وَصَارَ ثُلُثُ جَمِيعِ تَرِكَةِ أَبِي هَذَا الْمُحْضَرِ لِهَذَا الْحَاضِرِ بِحُكْمِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ، وَفِي يَدِ هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ كَذَا، وَكَذَا فَعَلَيْهِ تَسْلِيمُ ذَلِكَ إلَى هَذَا الْحَاضِرِ لِيَقْبِضَهُ لِنَفْسِهِ بِحُكْمِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَحْضَرِ أَوْصَى فِي حَالِ جَوَازِ تَصَرُّفَاتِهِ وَنَفَاذِهَا، إنَّمَا كَانَ فِيهِ أَوْصَى فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ وَثَبَاتِ عَقْلِهِ.

وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهِ صَحِيحًا ثَابِتَ الْعَقْلِ أَنْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى الْحَجْرَ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ أَنَّ السَّفِيهَ الْمُبَذِّرَ لِمَالِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>