للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدَّعِي بُطْلَانَ الْإِقْرَارِ بَعْدَ صِحَّتِهِ ظَاهِرًا وَالْمُقَرُّ لَهُ كَذَّبَهُ فِي بُطْلَانِ إقْرَارِهِ فَلَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الدَّارِ فِي هَذَا الْوَجْهِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ صَاحِبُ الدَّارِ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِهَا بِسَبَبِ إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا، كَمَا لَوْ انْهَدَمَتْ مُشْكِلٌ فِيمَا إذَا بَدَأَ بِالنَّفْيِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَدَأَ بِالنَّفْيِ فَقَدْ أَكْذَبَ شُهُودَهُ فِيمَا شَهِدُوا بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا أَنَّ الدَّارَ مِنْ الْأَصْلِ لَهُ، وَقَدْ أَقَرَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ مِنْ الْأَصْلِ وَأَقَرَّ بِبُطْلَانِ الْقَضَاءِ وَأَنَّ الدَّارَ مِلْكٌ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَلَكِنَّهَا لِفُلَانٍ جُعِلَ مُقِرًّا بِمِلْكِ الْغَيْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ إقْرَارُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ تَصْحِيحَ إقْرَارِهِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ، وَأَمْكَنَ تَصْحِيحُ إقْرَارِهِ بِتَقْدِيمِ إقْرَارِهِ عَلَى النَّفْيِ وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ شَائِعٌ فِي الْكَلَامِ فَقَدَّمْنَا إقْرَارَهُ تَصْحِيحًا وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهَا لِفُلَانٍ مَوْصُولًا بِالنَّفْيِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقَدَّمُ الْإِقْرَارُ وَيُؤَخَّرُ تَصْحِيحًا إذَا كَانَ الْكَلَامُ بَعْضُهُ مَوْصُولًا بِالْبَعْضِ، قَالُوا مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ إذَا قَالَ: وَهَبَهَا لِي بَعْدَ الْقَضَاءِ وَقَبَضْتهَا مِنْهُ فَهِيَ لِي بِالْهِبَةِ إنَّمَا يَصِحُّ هَذَا إذَا غَابَ عَنْ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ حَتَّى أَمْكَنَ لِلْقَاضِي تَصْدِيقُ الْمُقَرِّ لَهُ فِيمَا ادَّعَى مِنْ الْهِبَةِ.

فَأَمَّا إذَا قَالَ هَذَا فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَقَدْ عَلِمَ الْقَاضِي بِكِذْبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَجْرِ بَيْنَهُمَا هِبَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ إقْرَارُ الْمُقِرِّ فِي هَذَا الْوَجْهِ، قَالُوا أَيْضًا: قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِقِيمَةِ الدَّارِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هَذَا قَوْلُ الْكُلِّ.

وَلَوْ قَالَ الْمَقْضِيُّ لَهُ: هَذِهِ الدَّارُ لَيْسَتْ لِي إنَّمَا هِيَ لِفُلَانٍ، فَهَذَا، وَمَا لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ لَا حَقَّ لِي فِيهَا سَوَاءٌ حَتَّى لَا يَبْطُلُ قَضَاءُ الْقَاضِي بِالدَّارِ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ، وَفِي الْجَامِعِ أَيْضًا رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالدَّارِ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهَا دَارُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِي الْمَقْضِيِّ لَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَصَدَّقَهُ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِذَلِكَ، فَإِنَّ الدَّارَ تُرَدُّ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَيَبْطُلُ الْقَضَاءُ وَيُقَالُ لِمُدَّعِي الشِّرَاءَ: أَقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِي الْمَقْضِيِّ لَهُ وَأَنَّكَ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ قَضَى بِالدَّارِ لَهُ وَمَا لَا فَلَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

[الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْعَدْوَى وَتَسْمِيرِ الْبَابِ وَالْهُجُومِ عَلَى الْخُصُومِ]

ِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ. وَإِذَا تَقَدَّمَ رَجُلٌ إلَى الْقَاضِي وَادَّعَى عَلَى رَجُلٍ حَقًّا وَالْقَاضِي لَا يَعْرِفُ أَنَّهُ مُحِقٌّ أَوْ مُبْطِلٌ فَأَرَادَ الْإِعْدَاءَ عَلَى خَصْمِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُحْضِرَ خَصْمَهُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>