للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ أَوْ نُقْصَانُهَا وَوَجَبَ لَك عَلَيَّ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِك وَثِيرَانِك وَقَدْرُ بَذْرِك فَهَلْ صَالَحْتَنِي عَلَى هَذِهِ الْحِنْطَةِ وَعَلَى مَا وَجَبَ لَك عَلَيَّ عَمَّا وَجَبَ لِي عَلَيْك فَيَقُولُ الْمُزَارِعُ: صَالَحْت وَيَقُولُ الْمُزَارِعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ: قَدْ وَجَبَ لِي عَلَيْك أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِي وَثَوْرِي وَبَذْرِي وَوَجَبَ لَك عَلَيَّ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ أَوْ نُقْصَانُهَا فَهَلْ صَالَحْتَنِي عَلَى مَا وَجَبَ لَك عَلَيَّ عَمَّا وَجَبَ لِي عَلَيْك وَعَلَى هَذِهِ الْحِنْطَةِ؟ فَيَقُولُ رَبُّ الْأَرْضِ: صَالَحْت فَإِذَا تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ جَازَ وَيَطِيبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَصَابَهُ لِأَنَّ الْحَقَّ بَيْنَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا فَإِذَا تَرَاضَيَا فَقَدْ زَالَ الْمُوجِبُ لِلْخَبَثِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ تَفْسُدْ الْمُزَارَعَةُ إذَا شَرَطَ الْبَقَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا تَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ إذَا شَرَطَ اسْتِئْجَارَ الْبَقَرِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَإِنْ شُرِطَ فِي الْمُزَارَعَةِ عَقْدٌ آخَرُ وَهُوَ اسْتِئْجَارُ الْبَقَرِ فَيَكُونُ صَفْقَةً مَشْرُوطَةً فِي صَفْقَةٍ.

وَإِنَّمَا لَمْ تَفْسُدْ الْمُزَارَعَةُ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذِكْرِ اسْتِئْجَارِ الْبَقَرِ بَيَانُ مَنْ عَلَيْهِ الْبَقَرُ لَا حَقِيقَةُ الِاسْتِئْجَارِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ اسْتِئْجَارُ الْبَقَرِ وَلَمْ يَسْتَأْجِرْ الْبَقَرَ وَلَكِنْ كَرَبَ الْأَرْضَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِبَقَرٍ وُهِبَ لَهُ أَوْ وَرِثَ أَوْ اشْتَرَى جَازَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْجِرْ وَإِذَا صَارَ ذِكْرُ الِاسْتِئْجَارِ عِبَارَةً عَنْ اشْتِرَاطِ الْبَقَرِ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا عَنْ حَقِيقَةِ الْإِجَارَةِ صَارَ قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَحَدُهُمَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنَّ الْبَقَرَ مِنْ أَحَدِهِمَا، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ مِنْهُمَا فَإِنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ الْأَرْضُ وَصُورَتُهُ رَجُلٌ دَفَعَ أَرْضَهُ إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فِيهَا بِنَفْسِهِ وَبَقَرِهِ سَنَةَ هَذِهِ وَيَبْذُرُهَا كُرًّا مِنْ طَعَامٍ بَيْنَهُمَا فَنَقُولُ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ ثُلُثُ الْخَارِجِ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَالثُّلُثُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ ثُلُثَا الْخَارِجِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالثُّلُثُ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَفِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ بَذْرِهِمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الشُّرُوطِ فِي الْمُزَارَعَةِ]

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الشُّرُوطِ فِي الْمُزَارَعَةِ) رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِنَفْسِهِ وَبَقَرِهِ وَأُجَرَائِهِ فَإِنْ شَرَطَا الْخَارِجَ كُلَّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَهَذَا جَائِزٌ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ فَهُوَ جَائِزٌ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ جَائِزَةٌ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ لَيْسَ بِمُزَارَعَةٍ لِأَنَّ فِي الْمُزَارَعَةِ الْخَارِجَ يَكُونُ مُشْتَرَكًا وَالْخَارِجُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ بِمُشْتَرَكٍ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّ اشْتِرَاطَ جَمِيعِ الْخَارِجِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ جَائِزٌ، وَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْمُزَارِعِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَأَرَادَ بِهِ أَنَّ اشْتِرَاطَ جَمِيعِ الْخَارِجِ لِلْمُزَارِعِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْمُزَارِعِ فَهَذَا عَلَى وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِرَجُلٍ: ازْرَعْ أَرْضِي بِكُرٍّ مِنْ طَعَامِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِي وَهَذِهِ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِلْأَرْضِ بِكُلِّ الْخَارِجِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَالشَّرْعُ إنَّمَا جَوَّزَ اسْتِئْجَارَ الْأَرْضِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ وَبَقِيَ جَوَازُ الِاسْتِئْجَارِ بِكُلِّ الْخَارِجِ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ وَإِذَا فَسَدَ هَذَا الْعَقْدُ كَانَ جَمِيعُ الْخَارِجِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَيَطِيبُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ مِنْ الْخَارِجِ قَدْرُ بَذْرِهِ وَمَا غَرِمَ وَيَتَصَدَّقُ بِالزِّيَادَةِ، وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ لِلْمُزَارِعِ: ازْرَعْ أَرْضِي بِبَذْرِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِي فَهَذَا الشَّرْطُ جَائِزٌ وَيَصِيرُ الْعَامِلُ مُقْرِضًا لِلْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ فَيَكُونُ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَيَكُونُ الْمُزَارِعُ مُعِينًا فِي الْعَمَلِ، وَلَوْ قَالَ: ازْرَعْ أَرْضِي لِي بِبَذْرِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لَك فَهُوَ فَاسِدٌ وَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلِلْمُزَارِعِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مِثْلُ بَذْرِهِ وَأَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ: ازْرَعْ أَرْضِي بِبَذْرِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لَك فَهُوَ جَائِزٌ وَيَكُونُ الْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَيَكُونُ صَاحِبُ الْأَرْضِ مُعِيرًا لَهُ أَرْضَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ قَالَ لَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ: ازْرَعْهَا لِي بِبَذْرِك عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ جَائِزَةً وَكَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَصَارَ الْمُزَارِعُ مُقْرِضًا لِلْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ بِمُقْتَضَى أَمْرِ رَبِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>