للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا أَوْصَى بِمَصَاحِفَ تُوقَفُ فِي الْمَسْجِدِ يُقْرَأُ فِيهَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا أَوْصَى أَنْ يَجْعَلَ أَرْضَهُ هَذِهِ مَقْبَرَةً لِلْمَسَاكِينِ أَوْ أَوْصَى أَنْ يَجْعَلَ خَانًا لِلْمَارَّةِ، فَهِيَ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يَجْعَلَ أَرْضَهُ مَسْجِدًا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ.

وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلَّهِ تَعَالَى فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ وَيُصْرَفُ إلَى وُجُوهِ الْبِرِّ، وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْتَى وَيُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: سَبِيلُ اللَّهِ تَعَالَى الْغَزْوُ، وَقِيلَ: لَهُ وَالْحَجُّ، قَالَ: سَبِيلُ اللَّهِ الْغَزْوُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ أَعْطَى حَاجًّا مُنْقَطِعًا جَازَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي الْغَزْوِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَعْمَالِ الْبِرِّ ذَكَرَ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ كُلَّ مَا لَيْسَ فِيهِ تَمْلِيكٌ فَهُوَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ حَتَّى يَجُوزَ صَرْفُهُ إلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَسِرَاجِهِ دُونَ تَزْيِينِهِ وَلَا يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَى بِنَاءِ السِّجْنِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ سِجْنِ الْقَاضِي وَسِجْنِ السُّلْطَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتَاوَى وَالْخُلَاصَةِ.

وَلَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ يُصْرَفُ إلَى الْقَنْطَرَةِ أَوْ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلرِّبَاطِ وَفِيهِ مُقِيمُونَ إنْ كَانَ هُنَاكَ دَلَالَةٌ يُعْرَفُ بِهَا أَنَّهُ أَرَادَ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ الْمُقِيمِينَ صُرِفَ إلَيْهِمْ وَلَا يُصْرَفُ إلَى الْعِمَارَةِ.

وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِمَصَالِحِ الْقَرْيَةِ فَهُوَ بَاطِلٌ.

وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ: أَوْصَيْتُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ لِمَسْجِدِ كَذَا أَوْ لِقَنْطَرَةِ كَذَا نَصَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ جَائِزٌ وَهُوَ لِمَرَمَّتِهَا وَإِصْلَاحِهَا وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ مُقَاتِلٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: إذَا لَمْ يُسَمِّ مَرَمَّةً وَلَا إصْلَاحًا فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَفِي الْعُيُونِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِلْكَعْبَةِ جَازَ وَيُعْطَى مَسَاكِينُ مَكَّةَ، وَلَوْ قَالَ: لِثُغُورِ فُلَانٍ، فَالْقِيَاسُ أَنْ يَبْطُلَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ]

" الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ وَنَحْوِهِ، وَالْوَصِيَّةُ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ أَوْ بِمَا زَادَ أَوْ نَقَصَ فَيُجِيزُهُ الْوَرَثَةُ أَوْ لَا يُجِيزُونَهُ أَوْ يُجِيزُهُ بَعْضُهُمْ "، وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِرُبُعِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِنِصْفِ مَالِهِ إنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَنِصْفُ الْمَالِ لِلَّذِي أَوْصَى لَهُ بِالنِّصْفِ وَالرُّبُعُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ تَصِحُّ مِنْ الثُّلُثِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ أَرْبَعَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ وَثَلَاثَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبُعِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمَانِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ وَسَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبُعِ.

وَإِنَّمَا يُقَسَّمُ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ لَا يَضْرِبُ إلَّا بِالثُّلُثِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبُعِ يَضْرِبُ بِالرُّبُعِ فَاحْتَجْنَا إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَرُبُعٌ وَذَلِكَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَالرُّبُعُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ، فَنَجْعَلُ وَصِيَّتَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ وَذَلِكَ ثُلُثُ الْمَالِ وَثُلُثَا الْمَالِ أَرْبَعَةُ عَشَرَ وَجَمِيعُ الْمَالِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ، فَنَجْعَلُ الْمَالَ كُلَّهُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ سَبْعَةٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُمَا أَرْبَعَةٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ وَثَلَاثَةٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبُعِ، وَعِنْدَهُمَا يُقَسَّمُ الثُّلُثُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ عِنْدَهُمَا وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبُعِ يَضْرِبُ بِالرُّبُعِ وَالرُّبُعُ نِصْفُ النِّصْفِ فَيُجْعَلُ كُلُّ رُبُعٍ سَهْمًا فَالنِّصْفُ يَكُونُ سَهْمَيْنِ وَالرُّبُعُ سَهْمٌ فَيَكُونُ ثَلَاثَةً فَيُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ سَهْمَانِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ وَسَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبُعِ.

وَالْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَا يَضْرِبُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا فِي ثَلَاثِ وَصَايَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ وَفِي الْمُحَابَاةِ وَفِي الدَّرَاهِمِ الْمُرْسَلَةِ، وَتَفْسِيرُ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ هُوَ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ وَقِيمَةُ أَحَدِهِمَا أَلْفٌ وَقِيمَةُ الْآخَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>