للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلْفَانِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَإِنَّهُمَا يُعْتَقَانِ مَعًا وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا فَإِنَّهُمَا يُعْتَقَانِ مِنْ الثُّلُثِ، وَثُلُثُ مَالِهِ أَلْفٌ فَأَلْفٌ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ وَصِيَّتِهِمَا ثُلُثَا الْأَلْفِ لِلَّذِي قِيمَتُهُ أَلْفَانِ وَيَسْعَى فِي الْبَاقِي، وَالثُّلُثُ لِلَّذِي قِيمَتُهُ أَلْفٌ وَيَسْعَى فِي الْبَاقِي، وَكَذَلِكَ الْمُحَابَاةُ إذَا كَانَ لَهُ عَبْدَانِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَقِيمَةُ الْآخَرِ سِتُّمِائَةٍ فَأَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْ فُلَانٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَالْآخَرُ مِنْ فُلَانٍ آخَرَ بِمِائَةٍ هَاهُنَا قَدْ حَصَلَتْ الْمُحَابَاةُ لِأَحَدِهِمَا بِالْأَلْفِ وَلِلْآخَرِ بِخَمْسِمِائَةٍ، فَذَلِكَ كُلُّهُ وَصِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ فَإِنْ خَرَجَ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ جَازَتْ مُحَابَاتُهُمَا بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَذَلِكَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ وَصِيَّتِهِمَا يَضْرِبُ أَحَدُهُمَا فِيهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْآخَرُ بِخَمْسِمِائَةٍ.

وَكَذَلِكَ فِي الدَّرَاهِمِ الْمُرْسَلَةِ، كَمَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلِلْآخَرِ بِأَلْفَيْنِ وَثُلُثُ مَالِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الثُّلُثَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَضْرِبُ بِجَمِيعِ نَصِيبِهِ، وَإِنَّمَا يَضْرِبُ الْمُوصَى لَهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي مَخْرَجِهَا صَحِيحَةٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ آخَرُ يَخْرُجُ هَذَا الْقَدْرُ مِنْ الثُّلُثِ. وَلَا كَذَلِكَ فِيمَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِنِصْفِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ بِجَمِيعِ مَالِهِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِنْ أَوْصَى لِأَحَدِهِمَا بِالثُّلُثِ وَلِلْآخَرِ بِالسُّدُسِ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ، لِفُلَانٍ مِائَةٌ وَلِفُلَانٍ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَالثُّلُثُ ثَلَثُمِائَةٍ؛ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا سَمَّى وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ لِرَجُلٍ وَلِرَجُلٍ آخَرَ بِثُلُثِ مَالِهٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ أَوْ كَانَتْ لَهُ وَرَثَةٌ وَأَجَازُوا فَإِنَّ الْمَالَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَذَلِكَ كُلُّهُ يُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ مُنَازَعَةٍ وَاسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِي الثُّلُثِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ يَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ، فَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ يَضْرِبُ بِالثُّلُثِ وَهُوَ سَهْمٌ وَالْمُوصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ يَضْرِبُ بِالْجَمِيعِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، فَجَعَلَ الْمَالَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ، هَذَا إذَا أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ وَلَوْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ مِنْ الثُّلُثِ فَثُلُثُ الْمَالِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنَّمَا يُقَسَّمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَا يَضْرِبُ إلَّا بِالثُّلُثِ وَعِنْدَهُمَا يَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ فَيُقَسَّمُ أَرْبَاعًا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ لِفُلَانٍ خَمْسُونَ وَلِفُلَانٍ مِائَةٌ وَمَالُهُ ثَلَثُمِائَةٍ فَالثُّلُثُ بَيْنَ اللَّذَيْنِ سُمِّيَ لَهُمَا قَدْرًا أَثْلَاثًا وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْوَصَايَا إذَا كَانَتْ لَا يَزِيدُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَلَى الثُّلُثِ بِأَنْ يُوصِيَ لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِرُبُعِ مَالِهِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ كُلَّهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَمَنْ أَوْصَى لِآخَرَ بِحَظٍّ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِنَصِيبٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِبَعْضٍ مِنْ مَالِهِ فَالْبَيَانُ إلَى الْمُوصِي مَا دَامَ حَيًّا وَإِذَا مَاتَ فَالْبَيَانُ إلَى الْوَرَثَةِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

وَلَوْ أَوْصَى بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ قِيلَ: لِلْوَرَثَةِ أَعْطُوهُ مَا شِئْتُمْ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا اخْتِيَارُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِنَاءً عَلَى مَا عَرَّفْنَا أَنَّ السَّهْمَ كَالْجُزْءِ. وَأَمَّا أَصْلُ الرِّوَايَةِ فِي خِلَافِهِ فَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ إذَا أَوْصَى بِسَهْمٍ لِرَجُلٍ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ أَخَسُّ مِثْلِ سِهَامِ الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>