للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ وَفِيهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بَابًا]

[الْبَاب الْأَوَّل شرعية الْمُزَارَعَة وتفسيرها وَرُكْنهَا وَشَرَائِط جِوَازهَا وَحُكْمهَا]

(كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ)

(وَفِيهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بَابًا)

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي شَرْعِيَّتِهَا وَتَفْسِيرِهَا وَرُكْنِهَا وَشَرَائِطِ جَوَازِهَا وَحُكْمِهَا وَصِفَتِهَا)

(أَمَّا) (شَرْعِيَّتُهَا) فَهِيَ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا جَائِزَةٌ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا

لِحَاجَةِ النَّاسِ

(وَأَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا) فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدِ الزِّرَاعَةِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ وَهُوَ إجَارَةُ الْأَرْضِ أَوْ الْعَامِلِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

(وَأَمَّا) (رُكْنُهَا) فَالْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ: دَفَعْت إلَيْك هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً بِكَذَا وَيَقُولَ الْعَامِلُ: قَبِلْت أَوْ رَضِيت أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهِ وَرِضَاهُ فَإِذَا وُجِدَا تَمَّ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا.

(وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَنَوْعَانِ) شَرَائِطُ مُصَحِّحَةٌ لِلْعَقْدِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ الْمُزَارَعَةَ وَشَرَائِطُ مُفْسِدَةٌ لَهُ. أَمَّا الْمُصَحِّحَةُ فَأَنْوَاعٌ بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُزَارِعِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْآلَةِ لِلْمُزَارَعَةِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَزْرُوعِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْخَارِجِ مِنْ الزَّرْعِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَزْرُوعِ فِيهِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ.

أَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُزَارِعِ فَنَوْعَانِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا فَلَا تَصِحُّ مُزَارَعَةُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ الْمُزَارَعَةَ وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ الْمُزَارَعَةِ حَتَّى تَجُوزُ مُزَارَعَةُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَكَذَلِكَ الْحُرِّيَّةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ فَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَالثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ مُرْتَدًّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قِيَاسِ قَوْلِ مَنْ أَجَازَ وَعِنْدَهُمَا هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ الْمُزَارَعَةِ وَمُزَارَعَةُ الْمُرْتَدِّ نَافِذَةٌ لِلْحَالِ وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَزْرُوعِ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَهُوَ أَنْ يُبَيِّنَ مَا زُرِعَ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ: ازْرَعْ فِيهَا مَا شِئْت فَيَجُوزُ وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَهَا مَا شَاءَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْغَرْسَ لِأَنَّ الدَّاخِلَ تَحْتَ الْعَقْدِ الزَّرْعُ دُونَ الْغَرْسِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مِقْدَارِ الْبَذْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَصِيرُ مَعْلُومًا بِإِعْلَامِ الْأَرْضِ إنْ لَمْ يُبَيِّنَا جِنْسَ الْبَذْرِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ جَازَ لِأَنَّ فِي حَقِّهِ الْمُزَارَعَةَ لَا تَتَأَكَّدُ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ وَعِنْدَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ يَصِيرُ الْأَمْرُ مَعْلُومًا وَالْإِعْلَامُ عِنْدَ التَّأْكِيدِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْلَامِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ وَلَمْ يُبَيِّنَا جِنْسَ الْبَذْرِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْأَرْضِ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فَلَا تَجُوزُ إلَّا إذَا فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَى الْعَامِلِ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ بِأَنْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى أَنْ تَزْرَعَهَا مَا بَدَا لَك أَوْ بَدَا لِي لِأَنَّهُ لَمَّا فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَيْهِ فَقَدْ رَضِيَ بِالضَّرَرِ وَإِنْ لَمْ يُفَوِّضْ الْأَمْرَ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ وَكَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ وَلَمْ يُبَيِّنَا جِنْسَ الْبَذْرِ فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ فَإِذَا زَرَعَهَا شَيْئًا تَنْقَلِبُ جَائِزَةً لِأَنَّهُ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ وَتَرَكَهَا فِي يَدِهِ حَتَّى أَلْقَى الْبَذْرَ فَقَدْ تَحَمَّلَ الضَّرَرَ فَيَزُولُ الْمُفْسِدُ فَيَجُوزُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْخَارِجِ مِنْ الزَّرْعِ فَأَنْوَاعٌ: مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَذْكُورًا فِي الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ سَكَتَ عَنْهُ فَسَدَ الْعَقْدُ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ لَهُمَا حَتَّى لَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ لِأَحَدِهِمَا لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُزَارِعِينَ بَعْضَ الْخَارِجِ حَتَّى لَوْ شَرَطَا أَنْ تَكُونَ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ لِأَنَّ مَعْنَى الشَّرِكَةِ لَازِمٌ لِهَذَا الْعَقْدِ.

فَكُلُّ شَرْطٍ يَكُونُ قَاطِعًا لِلشَّرِكَةِ يَكُونُ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مِنْ الْخَارِجِ مَعْلُومَ الْقَدْرِ مِنْ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ أَوْ نَحْوِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ جُزْءًا شَائِعًا مِنْ الْجُمْلَةِ حَتَّى لَوْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانٌ مَعْلُومَةٌ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ وَكَذَا إذَا ذَكَرَا جُزْءًا شَائِعًا وَشَرَطَا زِيَادَةَ أَقْفِزَةٍ مَعْلُومَةٍ لَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ وَعَلَى هَذَا إذَا شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا الْبَذْرَ لِنَفْسِهِ وَأَنْ يَكُونَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا لَا تَصْلُحُ الْمُزَارَعَةُ لِجَوَازِ أَنْ لَا تُخْرِجَ الْأَرْضُ إلَّا قَدْرَ الْبَذْرِ. وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَزْرُوعِ فِيهِ وَهُوَ الْأَرْضُ فَأَنْوَاعٌ: مِنْهَا أَنْ تَكُونَ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ سَبِخَةً أَوْ نَزَّةً لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ فِي الْمُدَّةِ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ زَرْعُهَا وَقْتَ الْعَقْدِ بِعَارِضٍ مِنْ انْقِطَاعِ الْمَاءِ وَزَمَانِ الشِّتَاءِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْعَوَارِضِ الَّتِي هِيَ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ فِي الْمُدَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>