للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَحْضَرٌ فِيهِ اسْتِحْقَاقُ جَارِيَةٍ اسْمُهَا دلبر) فَحِينَ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُثْبِتَ الِاسْتِحْقَاقَ عِنْدَ الْقَاضِي لِيَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ ذَكَرَ اسْمَ الْجَارِيَةِ (بنفشه) فَقَالَ الْبَائِعُ: مَا بِعْتُ مِنْكَ جَارِيَةً اسْمِهَا (بنفشه) وَإِنَّمَا بِعْتُ جَارِيَةً اسْمَهَا (دلبر) فَقَدْ قِيلَ: الْقَاضِي لَا يَلْتَفِتُ إلَى دَعْوَى الْمُشْتَرِي، وَلَا يُمَكِّنُهُ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يُنْكِرُ بَيْعَ الْجَارِيَةِ بِالِاسْمِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي، وَقَدْ قِيلَ الْقَاضِي يَسْمَعُ دَعْوَاهُ، إذَا قَالَ: أَرْجِعُ عَلَيْكَ بِثَمَنِ الْجَارِيَةِ الَّتِي اشْتَرَيْتُهَا مِنْك لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهَا اسْمَانِ (بنفشه) وَ (دلبر) ، وَلَوْ كَانَ قَالَ: أَرْجِعُ عَلَيْكَ بِثَمَنِ الْجَارِيَةِ الَّتِي اشْتَرَيْتُهَا مِنْكَ وَاسْتُحِقَّتْ عَلَيَّ يَسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَإِذَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَقَضَى لَهُ بِالثَّمَنِ.

[مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ]

(مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ) وَصُورَةُ ذَلِكَ جَرَى الْحُكْمُ مِنْ الْقَاضِي فُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِاسْتِحْقَاقِ حِمَارٍ كَانَ اشْتَرَاهُ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَحْضَرِ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ كَانَ بِمُطْلَقِ الْمِلْكِ أَوْ بِالْمِلْكِ بِسَبَبٍ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى إقْرَارِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى نَفْسِ الدَّعْوَى وَالْحُكْمُ يَخْتَلِفُ.

[مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى ثَمَنِ عَيْنٍ مُسَمَّاةٍ]

(مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى ثَمَنِ عَيْنٍ مُسَمَّاةٍ) وَكَانَ الْمَذْكُورُ فِي آخِرِ الدَّعْوَى فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ لِتَصِحَّ دَعْوَى الْمُطَالَبَةِ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ.

وَلَا يَبْقَى الثَّمَنُ وَاجِبًا عَلَى الْمُشْتَرِي. وَالثَّانِي - أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي آخِرِ الدَّعْوَى فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي، وَالثَّمَنُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ الْبَيْعِ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَفِي الْأَمَانَاتِ وَالْوَدَائِعِ الْوَاجِبُ هُوَ التَّخْلِيَةُ دُونَ التَّسْلِيمِ وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي فَاسِدٌ غَايَةَ الْفَسَادِ. أَمَّا الْأَوَّلُ - فَلِأَنَّ حُكْمَ الشَّرْعِ فِي بَيْعِ الْعَيْنِ بِالدَّرَاهِمِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُوَ الَّذِي يُطَالِبُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوَّلًا. وَأَمَّا الثَّانِي - فَلِأَنَّ الثَّمَنَ وَاجِبٌ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، وَالْوَاجِبُ فِي الذِّمَّةِ لَا يَكُونُ أَمَانَةً، وَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ هَذَا الْقَوْلُ، وَأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ جَمِيعُ مَالِ الْمُشْتَرِي لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الثَّمَنُ.

(وَرُدَّ مَحْضَرٌ) فِيهِ دَعْوَى دَنَانِيرَ نَيْسَابُورِيَّةٍ جَيِّدَةٍ حَمْرَاءَ ثَمَنَ دُهْنِ مِقْدَارٍ مَعْلُومٍ اشْتَرَاهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّعِي وَقَبَضَ الدُّهْنَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ وَذَكَرُوا قَبْضَ الدُّهْنِ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ جَمِيعًا (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ فِي دَعْوَاهُ وَالشُّهُودَ فِي شَهَادَتِهِمْ لَمْ يَذْكُرُوا أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الدُّهْنِ هَلْ كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَلَا يَجِبُ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَهَذَا لَيْسَ بِخَلَلٍ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا دَعْوَى الدَّيْنِ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الدُّهْنَ مَقْبُوضٌ، أَلَا يُرَى أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَذْكُرُوا مِقْدَارَ الدُّهْنِ تَصِحُّ الدَّعْوَى، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا قَبْضَهُ فَإِنَّمَا تَصِحُّ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ دَعْوَى الدَّيْنِ.

(وَرُدَّ مَحْضَرٌ) صُورَتُهُ ادَّعَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ أَنَّكَ اشْتَرَيْتَ مِنِّي كَذَا كَذَا حِنْطَةً بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَجَاءَ الْمُدَّعِي بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْبَيْعِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَشَهِدَ الْآخِرُ بِالْبَيْعِ بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ، فَقِيلَ: الشَّهَادَةُ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ لِاخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ فِيهَا، وَقِيلَ: لَوْ صَحَّتْ الدَّعْوَى كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْعِشْرِينَ مَقْبُولَةً؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْعِشْرِينَ لَفْظًا وَمَعْنَى، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَهِدَ بِعَقْدٍ غَيْرِ الْعَقْدِ الَّذِي شَهِدَ بِهِ صَاحِبُهُ فَإِنَّ الْعَقْدَ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ غَيْرُ الْعَقْدِ بِعِشْرِينَ، أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ مِثْلُ هَذَا الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَتَحَالَفَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>