للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَرُدَّ مَحْضَرٌ) ادَّعَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ كَذَا كَذَا أَقْفِزَةً حِنْطَةً، وَقَالَ فِي دَعْوَاهُ (واين مُدَّعَى عَلَيْهِ اززمين مُسْتَأْجَر مِنْ أَيْنَ مبلغ كندم بِرِدِّهِ است بنا حَقّ) فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيَّ، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهَا (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الدَّعْوَى (أَيْنَ مبلغ كندم يرده است ازمزرعه مِنْ يَا ازمزرعه مَزَارِع مِنْ) وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ لِتَصِحَّ مِنْهُ دَعْوَى الْمُطَالَبَةِ بِالتَّسْلِيمِ، إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَيَكُونُ الزَّرْعُ لِذَلِكَ الْغَيْرِ لَا لِهَذَا الْمُدَّعِي، وَإِذَا ذَكَرَ أَنَّهُ مَزْرُوعٌ مُزَارَعَةً، هَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ اسْمِ الْمُزَارِعِ وَنَسَبِهِ؟ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ عُرِضَ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى أَرْبَعَةِ آلَافِ دِينَارٍ وَالْمَكْتُوبُ فِي لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ ظَاهِرَةٌ، فَقِيلَ: نَسِيَ (هزار) فَقَالَ: إذَا نَسِيَ فَقَدْ فَسَدَ الْمَكْتُوبُ، وَقِيلَ: يَجِبُ أَنْ تُقْبَلَ الشَّهَادَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ، وَقَدْ مَرَّ جِنْسُ هَذَا.

(وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى أَعْيَانٍ مُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ) ، وَذَكَرَ قِيمَتَهَا جُمْلَةً، وَلَمْ يُبَيِّنْ قِيمَةَ كُلِّ عَيْنٍ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ اكْتَفَى بِالْإِجْمَالِ وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ التَّفْصِيلَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَاصِلِ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ كَانَتْ الْأَعْيَانُ قَائِمَةً، أَوْ مُسْتَهْلَكَةً، فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِحْضَارِ عِنْدَ الدَّعْوَى، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ الْقِيمَةِ، وَقَدْ مَرَّ جِنْسُ هَذَا، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ قِيمَةَ كُلِّ عَيْنٍ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ بِاسْتِهْلَاكِ بَعْضِ هَذِهِ الْأَعْيَانِ وَيُنْكِرُ الْبَعْضَ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَعْرِفَ الْقَاضِي أَنَّهُ بِأَيِّ قَدْرٍ يَقْضِي مَعَ هَذَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ خَلَلًا فِي الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى دَيْنًا وَبَيَّنَ قَدْرَهُ.

(وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى النَّاقَةِ) وَالْمَكْتُوبُ فِي الْمَحْضَرِ الْجَمَلُ، وَأَنَّهُ يُوجِبُ الْفَسَادَ لِمَكَانِ التَّجْهِيلِ فِي الْوَصْفِ، وَلِذَلِكَ لَوْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي نَاقَةٍ وَجَمَلٍ وَكَتَبَ فِي الْمَحْضَرِ نَاقَتَيْنِ أَوْ جَمَلَيْنِ يُرَدُّ الْمَحْضَرُ لِمَا قُلْنَا، وَهَذَا الْجَوَابُ مُسْتَقِيمٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ تَحْتَاجُ إلَى الْإِشَارَةِ، وَعِنْدَ الْإِشَارَةِ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الْأَوْصَافِ

(وَرُدَّ مَحْضَرٌ) صُورَتُهُ ادَّعَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ أَنَّهُ قَطَعَ مِنْ أَشْجَارِ كَرْمِهِ كَذَا كَذَا وِقْرًا مِنْ الْحَطَبِ قِيمَتُهَا كَذَا وَغَصَبَ مِنْ كَرْمِهِ كَذَا كَذَا وِقْرًا مِنْ الْأَعْنَابِ (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ نَوْعٍ الْعِنَبِ وَالْحَطَبِ، فَقِيلَ: هَذَا الْجَوَابُ مُسْتَقِيمٌ فِي الْعِنَبِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِي الْحَطَبِ؛ لِأَنَّ الْحَطَبَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَيُبَيِّنُ مِقْدَارَ قِيمَةِ الْحَطَبِ وَيَكْتَفِي بِهِ، وَقِيلَ: الْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ النَّوْعِ وَالصِّفَةِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْجَوْزِ وَالْفِرْصَادِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْخِلَافِ، وَكَذَلِكَ قِيمَةُ الْيَابِسِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الرَّطْبِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُبَيِّنَ نَوْعَ الْحَطَبِ مَعَ مِقْدَارِ الْقِيمَةِ حَتَّى يَعْلَمَ هَلْ هُوَ صَادِقٌ فِي تَعْيِينِ هَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْقِيمَةِ.

(وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى امْرَأَةٍ عَلَى زَوْجِهَا) وَصُورَتُهُ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِهَا كَذَا كَذَا بِغَيْرِ حَقٍّ قَبْضًا يُوجِبُ عَلَيْهِ الرَّدَّ عَلَيْهَا وَأَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّهُ قَبَضَ ذَلِكَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِنْهَا إقْرَارًا صَحِيحًا، وَهُوَ طَائِعٌ غَيْرُ مُكْرَهٍ، وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَ ذِكْرِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ قَبَضَ ذَلِكَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَا ذَكَرَ أَنَّهُ قَبَضَ قَبْضًا يُوجِبُ عَلَيْهِ الرَّدَّ عَلَيْهَا.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>