للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَدَارُ الْأَمْرِ عَلَى هَذَا الْإِقْرَارِ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِحَقٍّ، وَلَيْسَ فِيهِ إضَافَةُ إقْرَارِهِ إلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ أَوْ نَحْوِهِ حَتَّى يَنْصَرِفَ ذَلِكَ إلَى الْأَوَّلِ بَلْ هُوَ إقْرَارٌ مُسْتَأْنَفٌ مُطْلَقٌ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ لَا مَحَالَةَ فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى، قِيلَ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ الدَّعْوَى، وَهُوَ الْأَشْبَهُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ الْمُطْلَقَ سَبَبٌ لِضَمَانِ الرَّدِّ وَالْعَيْنِ جَمِيعًا فَصَارَ وُجُوبُ الرَّدِّ كَالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي إقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ الْمُطْلَقِ، أَلَا يُرَى إلَى مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: غَصَبْتَنِي هَذَا الثَّوْبَ، وَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: أَخَذْتُهُ مِنْكَ وَدِيعَةً أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ، وَالْمُقِرُّ ضَامِنٌ مَعَ أَنَّ الْمُقِرَّ هُنَاكَ نَصَّ عَلَى الْأَخْذِ وَدِيعَةً فَهُنَا أَوْلَى.

(عُرِضَ مَحْضَرٌ عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) وَصُورَةُ ذَلِكَ ادَّعَى رَجُلٌ أَعْيَانًا مِنْ الْأَمْوَالِ عَلَى رَجُلٍ وَمِنْهَا قَمِيصٌ قَدْ كَانُوا بَيَّنُوا جِنْسَهُ وَنَوْعَهُ وَصِفَتَهُ وَقِيمَتُهُ وَسَرَاوِيلُ بَيَّنُوا نَوْعَهَا وَجِنْسَهَا وَصِفَتَهَا وَقِيمَتُهَا قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ (مرداته) أَوْ (زنانه وازخر دوكلان) ، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ قَائِمَةً لَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهَا مَجْلِسَ الدَّعْوَى لِلْإِشَارَةِ إلَيْهَا، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَعَ ذِكْرِ الْقِيمَةِ

(وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى النُّحَاسِ الْمُكَسَّرِ) وَكَانَ الْغَاصِبُ فِي بِلْدَةِ مَرْوَ وَالدَّعْوَى بِبُخَارَى فَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَغْصُوبَ عَلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ هُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَنَوْعٌ هُوَ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَكُلُّ نَوْعٍ عَلَى نَوْعَيْنِ أَيْضًا نَوْعٌ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَنَوْعٌ لَا حَمْلَ لَهُ، وَلَا مُؤْنَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَغْصُوبُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ.

نَحْوُ الدَّابَّةِ وَالْخَادِمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَقِيَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى وَالْمَغْصُوبُ قَائِمٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ مِثْلَ الْقِيمَةِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ أَوْ أَكْثَرَ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَأْخُذُ عَيْنَ مَالِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْغَاصِبَ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ عَيْنُ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ، وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ فَالْمَغْصُوب مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَغْصُوبَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقِيمَةَ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ بِهِ حَتَّى يَذْهَبَ الْغَاصِبُ بِالْمَغْصُوبِ إلَى بَلْدَةِ الْغَصْبِ فَيَأْخُذَ مِنْهُ، وَهَذَا لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْعَيْنَ فَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ عَيْنُ مِلْكِهِ مَعَ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ مِنْ قِبَلِ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْأَشْيَاءِ مُتَفَاوِتَةٌ بِتَفَاوُتِ الْأَمْكِنَةِ، وَهَذَا التَّفَاوُتُ إنَّمَا حَصَلَ بِمَعْنًى مِنْ جِهَةِ الْغَاصِبِ، وَهُوَ نَقْلُهُ إلَى هَذَا الْمَكَانِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَلْتَزِمَ الضَّرَرَ بِأَخْذِ الْعَيْنِ وَلَهُ أَنْ لَا يَلْتَزِمَ الضَّرَرَ وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْخُصُومَةِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ أَوْ يَنْتَظِرَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَقِيَهُ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ، وَقَدْ انْتَقَصَ السِّعْرُ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ مَا حَصَلَ بِفِعْلٍ مُضَافٍ إلَى الْغَاصِبِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنًى رَاجِعٍ إلَى رَغَبَاتِ النَّاسِ فَلَا يَضْمَنُ أَمَّا إذَا نَقَلَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخِرَ فَهَذَا النُّقْصَانُ حَصَلَ مُسْتَنِدًا إلَى فِعْلِ الْغَاصِبِ، وَهُوَ النَّقْلُ فَأَمْكَنَ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ قَدْ هَلَكَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلَقِيَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ أَكْثَرَ يُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهِ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي بَلْدَةِ الْخُصُومَةِ أَكْثَرَ فَالْغَاصِبُ يُعْطِيهِ قِيمَتَهُ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ إلَّا فِي مَكَانِ الْغَصْبِ.

وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَلَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ كَالْكُرِّ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>