للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امْرَأَةً أُخْرَى ثُمَّ اسْتَفْتَى فَقِيهًا آخَرَ فَأَفْتَى بِصِحَّةِ الْيَمِينِ يُفَارِقُ الْأُخْرَى وَيُمْسِكُ الْأُولَى عَامِلًا بِقَوْلِهِمَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

[الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْقَضَاءِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ]

(الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْقَضَاءِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ) قَضَاءُ الْقَاضِي الْأَوَّلِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ وَقَعَ فِي فَصْلٍ فِيهِ نَصٌّ مُفَسَّرٌ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ أَوْ إجْمَاعٌ وَإِمَّا أَنْ وَقَعَ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ مِنْ ظَوَاهِرِ النُّصُوصِ وَالْقِيَاسِ فَإِنْ وَقَعَ فِي فَصْلٍ فِيهِ نَصٌّ مُفَسَّرٌ مِنْ الْكِتَابِ وَالْخَبَرِ الْمُتَوَاتَرِ أَوْ إجْمَاعٌ فَإِنْ وَافَقَ قَضَاؤُهُ ذَلِكَ نَفَّذَهُ الثَّانِي وَلَا يَحِلُّ لَهُ النَّقْضُ وَإِنْ خَالَفَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ رَدَّهُ وَإِنْ وَقَعَ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى كَوْنِهِ مُجْتَهَدًا فِيهِ، وَإِمَّا أَنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي كَوْنِهِ مُجْتَهَدًا فِيهِ فَإِنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى كَوْنِهِ مَحَلُّ الِاجْتِهَادِ فَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ هُوَ الْمَقْضِيُّ بِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ نَفْسُ الْقَضَاءِ فَإِنْ كَانَ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ هُوَ الْمَقْضِيُّ بِهِ فَرُفِعَ قَضَاؤُهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ لَمْ يَرُدَّهُ الثَّانِي بَلْ يُنْفِذُهُ، فَإِنْ رَدَّهُ الْقَاضِي الثَّانِي فَرَفَعَ إلَى قَاضٍ ثَالِثٍ نَفَذَ قَضَاءُ الْقَاضِي الْأَوَّلِ وَأَبْطَلَ قَضَاءَ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ نَفْسُ الْقَضَاءِ مُجْتَهَدًا فِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَمْ لَا كَمَا لَوْ قَضَى بِالْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ أَوْ قَضَى عَلَى الْغَائِبِ يَجُوزُ لِلْقَاضِي الثَّانِي أَنْ يَنْقُضَ الْأَوَّلَ إذَا مَالَ اجْتِهَادُهُ إلَى خِلَافِ اجْتِهَادِ الْأَوَّلِ، هَذَا إذَا كَانَ الْقَضَاءُ فِي مَحَلٍّ أَجْمَعُوا عَلَى كَوْنِهِ مَحَلَّ الِاجْتِهَادِ فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي مَحَلٍّ اخْتَلَفُوا أَنَّهُ مَحَلُّ الِاجْتِهَادِ أَمْ لَا كَبَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ أَنَّهُ هَلْ يَنْفُذُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي؟ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاجْتِهَادِ عِنْدَهُمَا لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - فِي جَوَازِ بَيْعِهَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَنْفُذُ لِوُقُوعِ الِاتِّفَاقِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا فَخَرَجَ عَنْ مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ؛ فَيُنْظَرُ إنْ كَانَ مِنْ رَأْيِ الْقَاضِي الثَّانِي أَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَلَا يَرُدُّهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رَأْيِهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ حَدِّ الِاجْتِهَادِ وَصَارَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ لَا يَنْفُذُ بَلْ يَرُدُّهُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

إذَا كَانَ نَفْسُ الْقَضَاءِ مُخْتَلَفًا فِيهِ بِأَنْ قَضَى الْقَاضِي بِحَقٍّ عَلَى الْغَائِبِ أَوْ لِلْغَائِبِ هَلْ يَنْفُذُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَصْحَابِنَا فِي رِوَايَةٍ لَا يَنْفُذُ وَهَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ وَهُوَ صَحِيحٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ: كُلُّ أَمْرٍ جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ فَعَلَ.

وَجَاءَ عَنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ الْفِعْلِ أَوْ جَاءَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَجَاءَ عَنْ ذَلِكَ الْجُلِّ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ وَعَمِلَ النَّاسُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ دُونَ الْآخَرِ أَوْ عُمِلَ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلَمْ يُعْمَلْ بِالْآخَرِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ أَحَدٌ فَهُوَ مَتْرُوكٌ مَنْسُوخٌ فَإِنْ حَكَمَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ زَمَانِنَا لَمْ يَجُزْ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ وَإِنْ قَضَى بِالنَّصِّ لَكِنْ ثَبَتَ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ انْتِسَاخُهُ، حَيْثُ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّةِ وَالْعَمَلُ بِالْمَنْسُوخِ بَاطِلٌ غَيْرُ جَائِزٍ، قَالَ: وَإِنَّمَا يُجِيزُ مِنْ ذَلِكَ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>