للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْلَاهُ وَمَعَ هَذَا لَوْ نَقَدَ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ لَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَتْبَعَهُ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ مَالَ الْمَوْلَى، وَلَكِنْ يَتْبَعُ الْبَائِعَ، وَيَأْخُذَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَكُونُ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ وَمَا لَا يَكُونُ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَكُونُ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ وَمَا لَا يَكُونُ) وَالْإِذْنُ كَمَا يَثْبُتُ بِالصَّرِيحِ يَثْبُتُ بِالدَّلَالَةِ كَمَا إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ يَصِيرُ مَأْذُونًا سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَلَوْ رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ، وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ صَارَ مَأْذُونًا، وَلَا يَجُوزُ هَذَا التَّصَرُّفُ الَّذِي شَاهَدَهُ الْمَوْلَى إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ بِالْقَوْلِ سَوَاءٌ كَانَ مَا بَاعَهُ لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ، وَيَصِيرُ مَأْذُونًا فِيمَا يَتَصَرَّفُ بَعْدَ هَذَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى عَبْدِ رَجُلٍ مَتَاعًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهُ فَرَأَى مَوْلَى الْعَبْدِ يَبِيعُهُ، وَلَمْ يَنْهَهُ يَصِيرُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ بِسُكُوتِ الْمَوْلَى، وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَتَاعِ بِأَمْرِ صَاحِبِ الْمَتَاعِ ثُمَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْعُهْدَةُ تَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ أَوْ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: تَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: الْعُهْدَةُ عَلَى الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ نَهَاهُ الْمَوْلَى أَوْ لَمْ يَرَهُ كَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

إذَا غَصَبَ رَجُلٌ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمَوْلَى لِيَسْتَرِدَّهُ، وَحَلَفَ الْغَاصِبُ ثُمَّ تَصَرَّفَ الْعَبْدُ، وَمَوْلَاهُ سَاكِتٌ ثُمَّ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ فَاسْتَرَدَّهُ لَا يَصِيرُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا كَذَا فِي الْمُغْنِي.

إذَا اغْتَصَبَ الْعَبْدُ مِنْ رَجُلٍ مَتَاعًا فَبَاعَهُ وَمَوْلَاهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ، وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ فَهُوَ إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَلَا يَنْفُذُ ذَلِكَ الْبَيْعُ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِأَمْرِ الْمَوْلَى أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَرَآهُ يَتَصَرَّفُ فَلَمْ يَنْهَهُ فَهُوَ رِضًا بِالْبَيْعِ لَحِقَهُ دَيْنٌ أَوْ لَا قَبَضَهُ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ ثُمَّ يَصِيرُ مَحْجُورًا مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَفِي نُسْخَةٍ إذَا رَآهُ الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ كَانَ ذَلِكَ إجَازَةً لِلْبَيْعِ فَيَبْطُلُ خِيَارُهُ، وَيَصِيرُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا، وَلَوْ بَاعَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَرَآهُ يَتَصَرَّفُ، وَلَمْ يَنْهَهُ فَإِنْ لَحِقَهُ دَيْنٌ فَهُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ، وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ ثُمَّ قِيلَ يَصِيرُ مَحْجُورًا مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِيرُ مَحْجُورًا مِنْ وَقْتِ الْإِجَازَةِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ اكْتَسَبَ شَيْئًا فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي، وَمَا اكْتَسَبَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَذَلِكَ طَيِّبٌ لَهُ، وَقَبْلَ الْقَبْضِ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَقِيلَ هَذَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْكَسْبُ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُغْنِي.

وَلَوْ رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَشْتَرِي شَيْئًا بِدَرَاهِمِ الْمَوْلَى أَوْ دَنَانِيرِهِ فَلَمْ يَنْهَهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا فَإِنْ كَانَ نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَرِدَّ، وَإِذَا اسْتَرَدَّ لَا يَبْطُلُ ذَلِكَ الْبَيْعُ، وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمَوْلَى مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَاسْتَرَدَّ الْمَوْلَى يَبْطُلُ الْبَيْعُ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِهِ، وَاسْتَرَدَّ الْمَوْلَى لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ رَأَى عَبْدَهُ يَتَزَوَّجُ أَوْ رَأَى أَمَتَهُ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا فَسَكَتَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا كَذَا فِي الْمُغْنِي.

فَإِنْ أَذِنَ لَهُ إذْنًا عَامًّا جَازَ تَصَرُّفُهُ فِي سَائِرِ التِّجَارَاتِ، ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: أَذِنْتُ لَك فِي التِّجَارَةِ، وَلَا يُقَيِّدُهُ بِنَوْعٍ، كَذَا إذَا قَالَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ مِنْهَا دُونَ غَيْرِهِ فَهُوَ مَأْذُونٌ فِي جَمِيعِهَا، وَسَوَاءٌ نَهَى عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ النَّوْعِ صَرِيحًا أَوْ سَكَتَ عَنْهُ يَكُونُ مَأْذُونًا فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَدِّ إلَيَّ غَلَّةَ كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَهَذَا إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَاتِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ وَأَنْتَ حُرٌّ، كَذَلِكَ إذَا قَالَ: ضَرَبْت عَلَيْك كُلَّ شَهْرٍ كَذَا أَوْ قَالَ: كُلُّ جُمُعَةٍ كَذَا حَتَّى تُؤَدِّيَهَا إلَيَّ يَصِيرُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي.

وَلَوْ قَالَ لِلْعَبْدِ: اُقْعُدْ قَصَّارًا أَوْ خَيَّاطًا أَوْ صَبَّاغًا صَارَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَاتِ كُلِّهَا، وَإِذَا قَالَ لَهُ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ فِي الْخُبْزِ يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَاتِ كُلِّهَا، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: اشْتَرِ ثَوْبًا لِلْكِسْوَةِ أَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَحْمًا لِلْأَكْلِ أَوْ خُبْزًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا اسْتِحْسَانًا، وَيُعْتَبَرُ هَذَا الْإِذْنُ اسْتِخْدَامًا لَا إذْنًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ بِالْعُقُودِ الْمُتَكَرِّرَةِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مُرَادَهُ الرِّبْحُ يُجْعَلُ ذَلِكَ إذْنًا، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُ الرِّبْحَ لَا يُجْعَلُ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ بَلْ يُعْتَبَرُ اسْتِخْدَامًا عُرْفًا وَعَادَةً حَتَّى لَوْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ ثَوْبًا وَبِعْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>