للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَقِيلَ: الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِيهِمَا وَاحِدٌ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا إذَا ضَحَّى رَجُلٌ مِنْ الْفَرِيقِ الَّذِي صَلَّى، فَأَمَّا إذَا ضَحَّى رَجُلٌ مِنْ الْفَرِيقِ الَّذِي لَمْ يُصَلِّ فَلَمْ تَجُزْ أُضْحِيَّتُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَفِي الْأَضَاحِيّ لِلزَّعْفَرَانِيِّ إذَا ضَحَّى رَجُلٌ مِنْ النَّاحِيَةِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا أَوْ مِنْ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى جَازَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَالْمُسْتَحَبُّ ذَبْحُهَا بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِاسْتِيفَاءِ الْعُرُوقِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.

وَفِي النَّوَازِلِ إذَا صَلَّى الْإِمَامُ صَلَاةَ الْعِيدِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَضَحَّى النَّاسُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَهُ شُهُودٌ عَلَى هِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ لَمْ يَشْهَدُوا، فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ جَازَتْ الصَّلَاةُ وَالتَّضْحِيَةُ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَنْ هَذَا الْخَطَأِ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَالتَّدَارُكَ أَيْضًا غَيْرُ مُمْكِنٍ غَالِبًا فَيُحْكَمُ بِالْجَوَازِ صِيَانَةً لِجَمْعِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَتَى جَازَتْ الصَّلَاةُ جَازَتْ التَّضْحِيَةُ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ وَالتَّضْحِيَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِي التَّجْوِيزَ، وَمَتَى لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ، وَهَا هُنَا إذَا لَمْ تَجُزْ لَوْ ضَحَّى النَّاسُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَوْ لَمْ يُصَلِّ، فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ ضَحَّى قَبْلَ الصَّلَاةِ فِي يَوْمٍ هُوَ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي الْمَسْأَلَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ: إمَّا أَنْ يُضَحِّيَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَإِنْ ضَحَّى قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِنْ كَانَ يَرْجُو أَنَّ الْإِمَامَ يُصَلِّي لَا يُجْزِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَرْجُو يُجْزِيهِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا ضَحَّى النَّاسُ بَعْدَ الزَّوَالِ يُجْزِيهِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ، أَمَّا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَكِنْ شَكُّوا فِيهِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا شَهِدُوا بِهِ عِنْدَهُ لَهُمْ أَنْ يُضَحُّوا مِنْ الْغَدِ مِنْ أَوَّلِ الْغَدِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَ كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ فَهَذَا أَحَقُّ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَشْهَدُوا عِنْدَهُ الِاحْتِيَاطُ أَنْ يُضَحُّوا مِنْ الْغَدِ بَعْدَ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّ رَجَاءَ الصَّلَاةِ إنَّمَا يَنْقَطِعُ مِنْ الْغَدِ بَعْدَ الزَّوَالِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ شَهِدُوا بَعْدَ الزَّوَالِ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ الْأَضْحَى ضَحَّوْا، وَإِنْ شَهِدُوا قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، وَفِي تَجْنِيسِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مُسَافِرًا وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُضَحُّوا عَنْهُ فِي الْمِصْرِ لَمْ يَجُزْ عَنْهُ إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ]

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ) وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ دَخَلَ الْمِصْرَ لِصَلَاةِ الْأَضْحَى وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُضَحُّوا عَنْهُ جَازَ أَنْ يَذْبَحُوا عَنْهُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنْظُرُ فِي هَذَا إلَى مَوْضِعِ الذَّبْحِ دُونَ الْمَذْبُوحِ عَنْهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ بِخِلَافِ هَذَا وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ بِالسَّوَادِ وَأَهْلُهُ بِالْمِصْرِ لَمْ تَجُزْ التَّضْحِيَةُ عَنْهُ إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرُوِيَ عَنْهُمَا أَيْضًا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ فِي مِصْرٍ وَأَهْلُهُ فِي مِصْرٍ آخَرَ فَكَتَبَ إلَيْهِمْ لِيُضَحُّوا عَنْهُ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ مَكَانُ التَّضْحِيَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُضَحُّوا عَنْهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ صَلَاتِهِ فِي الْمِصْرِ الَّذِي يُضَحَّى عَنْهُ فِيهِ، وَعَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يُصَلِّيَ فِي الْمِصْرَيْنِ جَمِيعًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَوْ أَخْرَجَ الْأُضْحِيَّةَ مِنْ الْمِصْرِ فَذَبَحَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ قَالُوا: إنْ خَرَجَ مِنْ الْمِصْرِ مِقْدَارَ مَا يُبَاحُ لِلْمُسَافِرِ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ جَازَ الذَّبْحُ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَلَوْ لَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ فَقَدْ فَاتَهُ الذَّبْحُ فَإِنْ كَانَ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ شَاةً بِعَيْنِهَا بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ الشَّاةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوجِبُ فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا، أَوْ كَانَ الْمُضَحِّي فَقِيرًا وَقَدْ اشْتَرَى شَاةً بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ تَصَدَّقَ بِهَا حَيَّةً، وَإِنْ كَانَ مَنْ لَمْ يُضَحِّ غَنِيًّا وَلَمْ يُوجِبْ عَلَى نَفْسِهِ شَاةً بِعَيْنِهَا تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ شَاةٍ اشْتَرَى أَوْ لَمْ يَشْتَرِي، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ.

يُعْتَبَرُ آخِرُ أَيَّامِ النَّحْرِ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَالْمَوْتِ وَالْوِلَادَةِ لَوْ اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ وَلَدِهِ فَلَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِتِلْكَ الشَّاةِ أَوْ بِقِيمَتِهَا، وَقَالَ الْحَسَنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِنْ كَانَ أَوْجَبَ شَاةً بِعَيْنِهَا أَوْ اشْتَرَى شَاةً لِيُضَحِّيَ بِهَا فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ تَصَدَّقَ بِهَا حَيَّةً وَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>